خلال كل فترة من فترات التوتر على طول المنطقة منزوعة السلاح، ينظر الناس إلى الجنوب والولايات المتحدة لمعرفة ما قد تم القيام به للمساهمة في زيادة التوترات في شبه الجزيرة الكورية. وفي حالة التوترات الأخيرة، تحول التركيز إلى مكبرات الصوت والبالونات، حيث يقوم نشطاء من كوريا الجنوبية بملء بالونات بمواد دعائية، أفلام وملابس، وإطلاقها عبر الحدود. وغالباً ما تكون العلاقات بين المنظمات المعنية فاترة بسبب تباين وجهات النظر السياسية فيما بينها. وأحياناً ما يتشاجر السكان المقيمون قرب الحدود مع النشطاء. فسكان البلدات الحدودية يخشون الانتقام، خاصة أن بيونج يانج هددت مراراً بـ«ضربات انتقامية قاسية». وبعد إصابة جنديين من كوريا الجنوبية جرّاء الألغام التي يتم زرعها في طريق الدوريات، قررت سيول العودة لاستخدام مكبرات الصوت، ثم قام الشمال بإطلاق صاروخ باتجاه المكبرات، فورد الجنوب بإطلاق المدفعية. ورسم المعلقون خط التصعيد بين هذه القرارات وما ينتج عنها من تحركات من جانب الشمال، فكان الاستنتاج بضرورة التوقف. وهو رأي بديهي لكنه مضلل أساساً. فمكبرات الصوت والبالونات تمثل جزءاً من وسائل الإعلام الخارجية التي تدخل كوريا الشمالية، ومعظمها يأتي من الصين، حيث أن نفس القنوات التي توصل المواد الغذائية والملابس هي التي تقدم وسائل الإعلام الخارجية. وعندما زرت سوقاً في المنطقة الاقتصادية الخاصة «رانسون»، أعلن حارسي الشخصي بفخر: «بإمكانك شراء أي شيء هنا، باستثناء الأسلحة النووية». ويعني ذلك أن المنطقة منزوعة السلاح ما هي إلا مشهد جانبي عندما يتعلق الأمر بالتغيير الحقيقي في البلاد. فالشمال يتسامح مع مرور كميات كبيرة من التجارة غير الرسمية عبر حدود الصين، لكنه يهدد بالانتقام من النشطاء الذين يرسلون البالونات! وبعيداً عن الأفعال التي تستفز الشمال، فإن بيونج يانج تستولي على البالونات ومكبرات الصوت عندما ترغب في تصعيد التوترات. وينطبق الشيء نفسه على التدريبات العسكرية، والتحقيقات بشأن حقوق الإنسان والعقوبات المفروضة على برنامجها النووي ومجموعة من الموضوعات الأخرى. والاقتراحات القائلة بتوقف النشطاء عن إطلاق البالونات أو توقف الولايات المتحدة عن التدريبات العسكرية.. ربما تبدو معقولة، لكنها تمثل استراتيجية غير قابلة للتطبيق كنهج شامل. ويجد الشمال أسباباً لإصدار تهديدات في الغالب لأنه يبحث عنها. وعلى هذا النحو، فإن أية مناقشة تصيبهم بهيستريا كجزء من التصعيد الطبيعي في ظل حقيقة أن الشمال يضخم القضايا والأحداث لتبدو أكبر مما هي في حقيقتها. وتثير بيونج يانج التوترات على الحدود لأنها تريد ذلك. ومن أكثر الأشياء إثارة فيما يتعلق بالجانب الشمالي من المنطقة منزوعة السلاح، هو حالة الهدوء في الموقع. فجنود جيش كوريا الشعبية بوجه عام يعلمون متى يكونون في حالة تأهب. إنهم يتمتعون بهذه السهولة، ليس فقط كوسيلة للسخرية من القوة الكائنة أمامهم، بل أيضاً لعلمهم بأنه إذا ما حدث شيء على الحدود، فهم السبب. وإذا كان الجنوب يريد التفاوض بشأن هذه الحقيقة، فلديهم بعض الاستراتيجيات المتاحة، أولها اللجوء إلى الردع وعدم التراجع وعدم التفاوض. إن أفعال الشمال تهدف أساساً للإبقاء على النظام في السلطة، لذا فبالإمكان الاعتماد عليها لتجنب الانتحار الوطني خلال فترات التوتر. وثانيها قدرة الجنوب على تغيير هذه الأنشطة باعتبارها فتيلا للصراع، إذ يفترض أن تكون بيونج يانج إحدى أكثر العواصم القابلة للرشوة على وجه الأرض. روبرت بوتر باحث بجامعة كوينزلاند ينشر بترتيب خاص مع خدمة «تريبيون نيوز سيرفيس»