اضطرابات سياسية استثنائية هزت ولاية «غوجرات» الهندية، موطن رئيس الوزراء «ناريندرا مودي»، خلال الأيام القليلة الأخيرة. فقد التفت طائفة مؤثرة ونافذة هي طبقة «باتيدار» -المشهورة أيضاً باسم «باتل» العائلي الذي يحمله أكثر المنتمين إليها- وراء الشاب «هارديك باتل» للمطالبة بحصص محددة في الوظائف الحكومية والمؤسسات التعليمية، ولكن توقيف «باتل» لفترة قصيرة في وقت سابق من الأسبوع كان بمثابة الشرارة التي أشعلت الاضطرابات، الأمر الذي حدا بالجيش إلى إغلاق عدد من المدن الكبيرة. وغني عن البيان أن هذه الحركة الاحتجاجية تثير قلق «مودي». ومعلوم أن لدى الهند تاريخاً طويلاً من الطبقات والطوائف المحرومة والمستضعفة، وتاريخاً مديداً مماثلًا من المطالبات بقوانين وبرامج تضمن العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص. وقد ضمن دستور 1950 بشكل خاص حصصاً للطبقات المستضعفة (طبقات «المنبوذين» الهندوسية سابقاً)، غير أن أفراد طبقة «باتل» ليسوا أكثر الطبقات حرماناً في الهند. فأفرادها يشكّلون قرابة 20 في المئة من سكان غوجرات، والعديد منهم رجال أعمال وملاك أراض ناجحون. كما أن المهاجرين منهم في الولايات المتحدة يشتهرون بعملهم ونجاحهم في قطاع فنادق «الموتيل» بشكل خاص. وهم يتمتعون بالقوة والنفوذ في الهند أيضاً حيث قاد أربعة من أبناء هذه الطبقة ولاية غوجرات، من بينهم كبير وزراء الولاية الحالي «أنانديبن باتل». وقد كان من المفترض أن تختفي الاحتجاجات من قبيل تلك التي وقعت هذا الأسبوع بعد أن تخلت الهند عن النظام الاشتراكي واختارت طريق التحرير الاقتصادي في 1991. والجدير بالذكر هنا أن أكبر تأييد للقوانين والبرامج التي تضمن تكافؤ الفرص ظهر في أواخر الثمانينيات وأوائل التسعينيات عندما مُنح عدد كبير من الطبقات الاجتماعية التي كانت محرومة تاريخياً حصصاً مهمة في الوظائف الحكومية. ولذلك، فقد كان من المفترض أن يساهم فتح الاقتصاد منذ ذلك الوقت في زيادة الفرص للجميع. والواقع أن غوجرات بشكل خاص شهدت، في عهد «مودي» وآخرين، نمواً أسرع من المتوسط الوطني، وبرقمين لحوالي سبع سنوات بين 2004-2005 و2011-2012، غير أن غضب واحتجاجات طائفة «باتل» يؤكد أنه ما زال ينبغي بذل مزيد من الجهود من أجل تكبير حجم الكعكة في الهند. ويبدو أن «مودي» كان مدركاً لهذا الأمر عندما وصل إلى الحكم قبل 15 شهراً بعد 10 سنوات من حكومة كانت تركز على إعادة توزيع الثروة أكثر من تركيزها على تحقيق النمو. بيد أن محاولاته لتنمية الاقتصاد الهندي وزيادة الفرص، للأسف، كانت ضعيفة، وليست جذرية. دهيراج نيار كاتب ومحلل سياسي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبرج نيوز سيرفس»