بعد سقوط حائط برلين عام 1989، بدا لأول وهلة بأن الحواجز الحدودية والعوائق الإسمنتية أصبحت بالنسبة لأوروبا جزءاً من الماضي. وطمح الكثير من الأوروبيين إلى حلول عصر جديد من التكامل وحسن الجوار. إلا أن هذه الطموحات تبخرت، وتلك الأمنيات لم تتحقق. وأدت الضغوط السياسية المتنوعة إلى دفع أوروبا نحو اعتماد مشاريع جديدة لبناء جدران عازلة من النوع الذي من شأنه استثارة فرح «دونالد ترامب». والآن، تسارع الحكومة المجرية الزمن لبناء جدار عازل طوله 175 كيلو متراً معزز بالأسلاك الشائكة على حدودها مع صربيا. وهو المشروع الذي يمكنه أن يثير السخرية بسبب القرار الذي سبق للحكومة المجرية أن اتخذته عام 1989 بإزالة السياج الحدودي الذي يفصلها عن النمسا، وذلك في إطار العمل على إزالة «الستارة الحديدية». وتأمل الحكومة المجرية من مشروعها الجديد أن يساهم في صدّ الموجة المتدفقة من المهاجرين والنازحين الذين ينتقلون إلى أوروبا الغربية عن طريق المجر أو ما يسمى «طريق البلقان نحو الغرب». وبين عشية وضحاها، أصبحت المجر بوابة العبور الرئيسية للنازحين المتجهين نحو أوروبا والذين يتدفقون عليها من اليونان ودول البلقان. وربما لا يحقق الجدار المجري الأهداف المتوخاة منه في المستقبل القريب. ولقد أدت الأخبار المتعلقة بالمشروع إلى دفع المهاجرين للإسراع بعبور الحدود المجرية قبل انسداد هذا الممر المهم. ولقد أثارت أخبار بناء الجدار المجري استياء شديداً في دول وسط أوروبا، إلا أن المسافر المتجول في قلب تلك الدول، سيلاحظ أن المجر ليست الدولة الوحيدة التي اتبعت هذا التكتيك. وفي بداية العام الجاري، أعلنت بلغاريا عن خطة لبناء سياج حدودي طوله 160 كيلو متراً على طول حدودها الجنوبية مع تركيا. إلا أن اللاجئين واصلوا تدفقهم إلى بلغاريا وفق معدل غير مسبوق. ولا يبعد السياج الحدودي البلغاري كثيراً عن حائط فصل مشابه أقامته اليونان عام 2012. وكان الهدف من السياج اليوناني منع عبور اللاجئين القادمين من تركيا. وهو سياج متواضع التركيب يبلغ طوله 10 كيلو مترات فقط ويمتد على الحدود اليونانية- التركية، ولكنه فشل تماماً في إعاقة تدفق اللاجئين القادمين من سوريا والذين يأتون بالقوارب عن طريق البحر. وتخطط أوكرانيا لبناء حائط فصل هائل الضخامة على طول حدودها مع روسيا يبلغ طوله 1920 كيلو متراً وتصل تكلفته إلى 250 مليون دولار. وعبرت روسيا عن مخاوفها من أن يثير بناؤه مشاكل واضطرابات وتوترات سياسية داخلية. محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»