مع بدء جلسات محاكمة ما يسمى تنظيم شباب «المنارة»، من الجيد أن سقوطهم في قبضة العدالة أسقط متعاطفين آخرين يبدو أنهم يحملون النهج الإرهابي المتطرف ذاته، ومنهم أكاديمي مصاب بلوثة ذهنية دفعته للتعاطف مع إرهابيين مخربين، فاندفع بعماء لإطلاق تصريحات، وهو في حقيقة الأمر إنما ينحاز ضمنياً لمن سبقه من خلايا إخوانية هي أقرب إليه، وها هو يتعاطف مع مشاريع «الدواعش»، الذين أحيلوا للمحاكمة أخيراً تحت اسم تنظيم المنارة. ولا غرابة أن تدافع عن المتعاطفين مع المجموعات الإرهابية منظمات اشتهرت بتبعيتها لجماعات الإسلام السياسي. ولمن يتساءل عن سر تسمية ذلك التنظيم بـ«المنارة»، نوضح أنه نسبة لجامع المنارة في دبي. فقبل إحالة المتهمين للمحاكمة، كان زعيمهم يمارس الخطابة والتحريض في جامع المنارة، مما يدعو للتنبه لمساجدنا ومن يعتلون منابرها، فلا مكان لمن يتحدى قوانين الإمارات، حتى أولئك الذين لم يعجبهم قانون مكافحة التمييز والكراهية عليهم أن يراجعوا أنفسهم، لأن أي تصريحات يطلقونها تبث الكراهية تجعلهم تحت طائلة القانون. وسيبقى مجتمع الإمارات ينشغل بالتخطيط للمستقبل وبالانحياز لثقافة التسامح والبناء وبتحقيق مكتسبات جديدة وتجاوز أرقام قياسية تضع الإمارات في مراتب متقدمة على كل المستويات. هذا هو نهج قادة الإمارات وأبناء شعبها الذين يعملون بطموح وإخلاص منذ عهد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان رحمه الله، من أجل صياغة مستقبل مشرق للإماراتيين، وهو انشغال يضع في قمة أولوياته الوصول إلى مستويات عالية في مقاييس إسعاد المواطن وجعله يعيش فخوراً بانتمائه ومطمئناً لمستقبل أبنائه وأحفاده. تلك باختصار هي المعادلة التي تجعل كل ما هو عدواني غريب ومتناقض مع هذا المسعى النبيل يكون محل استهجان المجتمع الإماراتي واستنكاره. لذلك تنكشف خلاليا التطرف والإرهاب بسهولة شديدة، سواء كانت ضمت مواطنين أو وافدين أو خليطاً من الشريحيتن، كما حدث أخيراً مع «مجموعة شباب المنارة»، والتي ثبت أن أفرادها يعتنقون الفكر التكفيري الإرهابي المتطرف، وسعوا للقيام بأعمال إرهابية. وسبب انكشاف مثل هذه الخلايا السرطانية أنها غريبة على مجتمع الإمارات، ولا يمكن أن تلقى حاضنة شعبية أو جمهوراً يصغي إلى خطابها المتشنج. فالمجموعة المحالة أخيراً للمحاكمة تكشف أيضاً عن ملمح عائلي وقرابة تجمع بعض المتهمين، وفي هذا دلالة على يأس أصحاب هذا التوجه ولجوئهم للتضحية بأقاربهم. لذلك تبقى مثل هذه الخلايا محصورة على شبكتها وأعضائها الذين يعرفون في قرارة أنفسهم أنهم يرتكبون حماقة كبيرة بحق بلد لا يقبل مجتمعه بمثل هذه الميول الشيطانية التي تضر أصحابها قبل غيرهم. كل من يعرف الإمارات يدرك أن هذا الوطن قد تشرب مبادئ الاتحاد والاستقرار على يد القائد المؤسس، ومنذ قيام دولة الإمارات العربية المتحدة صار نهج النهضة والتنمية والبناء والانفتاح هو المؤشر الذي تقاس به جهود المخلصين، أما من ينحرف عن هذا الطريق مخالفاً دستور الإمارات وقوانينها، فإنه يمضي عكس التيار، فينكشف مهما تستر أو تخفَّى. هذا الانكشاف السهل للإرهابيين، ولخلايا الجماعات المتطرفة ينبغي أن يعتبر منه كل من يتعاطفون مع المتطرفين، ومجتمع الإمارات لن يسمح بأي محاولات لخلخلة الثوابت الوطنية الراسخة في وجدان وضمير كل مواطنيه، والمعززة بدستور وبقوانين تتوافق مع خياراتهم وقناعاتهم. ولعل سلسلة المحاكمات الجديدة والقديمة لمثل هذه الخلايا توصل دروساً لكل من يفكر في زعزعة أمن هذا البلد، وليكن في معلوم المتعاطفين معهم أن الادعاء العام في الإمارات يمثل الإماراتيين، وينوب عنهم ويعتبر لسان حالهم، ومن البديهي أن كل شعب يعتمد على سلطة بلده لحماية استقراره. كما أن المحكمة الاتحادية العليا تمارس مهامها بشفافية ودقة متناهية تكفل للمتهمين كافة حقوقهم، والمجال مفتوح لجميع الإعلاميين، والمحامين لحضور المحاكمات، رغم أنها تنظر في قضايا تمس أمن الدولة، لكن القضاء الإماراتي يعتمد الشفافية، وكل الجلسات والأحكام حول قضايا من هذا النوع كانت محل تغطية صحفية موسعة. ---------------- *كاتب إماراتي