في الوقت الذي كانت الإسهامات في مجال الدراسات الإنسانية، وفي القلب منها حقل العلوم السياسية، مقتصرة على الدول الغربية، فإن كتاب «السراب» لسعادة الدكتور جمال سند السويدي، مدير عام «مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية»، استطاع تغيير هذا الاعتقاد، وأكد أن بمقدور دولة الإمارات العربية المتحدة أن تسهم بفعالية في إثراء الفكر الاستراتيجي والإنساني العالمي، فهذا الكتاب الذي صدرت منه الطبعة التاسعة باللغة الإنجليزية، يمثل إضافة نوعية، نظرية وعلمية ثرية إلى حقل العلوم السياسية، سواء لمنهجه العلمي الرصين، أو للأطر النظرية والتطبيقية التي استخدمها في التحليل، ما أكسب الكتاب المزيد من العمق وأضفى على النتائج التي توصل إليها مصداقية علمية كبيرة. وقد نجح كتاب «السراب» الذي يُترجم حالياً إلى لغات عالمية عدة، في تفكيك الأوهام التي تتمترس حولها الجماعات الدينية السياسية، ليس في منطقتنا العربية والإسلامية فقط، بل، والأهم، في الكثير من دول العالم، التي كانت لا تعرف الكثير عن جماعات الإسلام السياسي وتخلط بينها وبين الدين الإسلامي، ويمكن القول: إن الكتاب نجح في تقديم رؤية علمية حول هذه الجماعات إلى الثقافات المختلفة، وأسهم في تبصير وتنوير الرأي العام العالمي والمرجعيات الفكرية والسياسية والمنظمات الدولية والحقوقية بحقيقة الفكر الفضفاض والشعارات البراقة التي تحملها تلك الجماعات منذ أن تشكلت حتى وقتنا الراهن. ولعل ذلك يفسّر احتلال الكتاب المرتبة الأولى بين الكتب الأكثر مبيعاً في تصنيف متجر كيندل Kindle العالمي، بل إن المواقع العالمية المتخصصة في الكتب الإلكترونية أفردت مساحات واسعة لكتاب السراب، فموقع كتب (بارنز آند نوبل) للكتب الإلكترونية (Nook Books) وصف الكتاب بأنه «استثنائي» ويمثل تحدياً فكرياً، وسيغير الطريقة التي ينظر بها الغرب إلى المجتمعات العربية والإسلامية. أما موقع كوبو للكتب (Kobo Books) فرأى أن «السراب» يُعَدُّ واحداً من الكتب النادرة التي ستغير طريقة التفكير حول الإسلام والمشهد السياسي في الشرق الأوسط والمجتمعات المسلمة بوجه عام. الاهتمام الذي حظي به كتاب السراب منذ صدوره مطلع العام الجاري في الأوساط الأكاديمية والعلمية العالمية لا شك يعزز من قوة الإمارات الناعمة، ويؤكد أن هناك باحثين ومثقفين عرباً، كسعادة الدكتور جمال سند السويدي، قادرون على إثراء الفكر الاستراتيجي العالمي، الأمر الذي تجلى بوضوح في نجاح سعادته من خلال مؤلفاته العلمية الرصينة، في تقديم رؤى ونظريات علمية في أدبيات الإسلام السياسي وحقل العلاقات الدولية، باتت محل نقاش واسع في مراكز البحوث والدراسات والجامعات العالمية وأمام متخذي القرار، بل إن هذه المؤلفات أصبحت تحتل صدارة الترتيب في دور النشر العالمية في الآونة الأخيرة. وكما أن لسعادة الدكتور جمال سند السويدي، الذي يُعَدُّ واحداً من قادة الفكر والثقافة في المنطقة والعالم، إسهامات بارزة في أدبيات الإسلام السياسي، وحقل النظرية السياسية والعلاقات الدولية، فإنه يعد من أبرز المنظرين لمفهوم «دبلوماسية الثقافة والفكر» في المنطقة العربية، التي تندرج ضمن ما يعرف بالدبلوماسية الموازية القائمة على صناعة المعرفة والثقافة والفكر، وهي الدبلوماسية التي أصبحت تحظى باهتمام غير مسبوق منذ سنوات، وخاصة في ظل منظومة التغيّرات الثقافية التي شهدها العالم خلال السنوات القليلة الماضية، وتشكَّل معها ما يسمى «الدبلوماسية الثقافية» التي تمثل رافداً قوياً للسياسة الخارجية لأي دولة. وإدراكاً لأهمية إسهامات سعادة الدكتور جمال سند السويدي في هذا المجال، ولجهوده الملموسة في التقريب بين الشعوب، ودوره في تعزيز مفهوم «دبلوماسية الثقافة» القائمة على صناعة المعرفة والفكر، كرّمته المؤسسة المتوسطية ومنحته «جائزة البحر الأبيض المتوسط ??للدبلوماسية والفكر 2014»، وهي الجائزة التي منحت للكثيرين من رؤساء العالم وزعمائه. كما حاز سعادته جائزة «فارس الدراسات العربية»، من الاتحاد العام للمنتجين العرب عام 2015، تقديراً لإسهاماته البارزة في إثراء الثقافة العربية، وتطوير الدراسات الاستراتيجية حول القضايا العربية والدولية. ــ ــ ـ ـ ـ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.