يمثل الأميركيون الهنود الذين يتكلمون بلكنة مميزة ويرتدون ملابس غريبة وبعضهم يعتمر عمامة ويتناولون الطعام كثير التوابل حقا أقل من واحد في المئة من سكان الولايات المتحدة. لكن يمكن العثور عليهم في مراتب عليا في شركات كبيرة مثل بيبسي وماستر كارد أو كعمداء أكبر المعاهد التعليمية في الولايات المتحدة وفي قمة الصحافة ويسيطرون على مجالات التكنولوجيا والبحث العلمي والطب ويكثرون في صناعات مثل الضيافة والنقل والعقارات. وحققوا نجاحاً استثنائياً في المناصب الحكومية، فهناك اثنان من حاكمي أكثر الولايات محافظة في أميركا من أصل هندي، وهناك مستشارون كبار للبيت الأبيض من أصل هندي، كما أن منصب كبير الأطباء يشغله رجل من أصل هندي. ورغم أن الرخاء لا يتوزع بالتساوي وبعض قطاعات المجتمع الهندي تواجه مشكلات اجتماعية واقتصادية حادة، فمن الملحوظ أن الدخل السنوي المتوسط للأسرة الأميركية التي عائلها مهاجر هندي يبلغ 103 آلاف دولار وهو ضعف متوسط الدخل الأميركي العام. فكيف حققت جماعة مهاجرة منذ فترة قصيرة مثل هذا النجاح الكبير وماذا يمكننا التعلم من هذا؟ يتعين على المرء أولا أن يفهم خلفية هذه الجماعة. إنها جماعة مؤلفة من أفراد طموحين حاصلين على مؤهلات علمية رفيعة. ووفقا لمكتب الإحصاء الأميركي، هناك 76 في المئة من المهاجرين الهنود الذين تبلغ أعمارهم 25 عاما أو أكثر يحملون درجة البكالوريوس أو درجة علمية أعلى وغالبيتهم العظمى يتقنون الإنجليزية. وبعضهم من أسر فقيرة لكن غالبية الهنود الذين يذهبون إلى الولايات المتحدة من الطبقة الوسطى أو العليا والطلاب الذين يتأهلون للقبول في الجامعات الأميركية يمثلون صفوة الطلاب والعمال الذين توظفهم الشركات الأميركية يتمتعون بمهارات عالية. والمغامرون الطموحون وحدهم هم المستعدون لمغادرة الأصدقاء والأهل بحثا عن النجاح في أرض أجنبية وهم رواد بطبيعتهم. ونجاح المهاجرين الهنود يظهر جانباً آخر من هذه البلاد. فعظمة أميركا تتمثل في أن الشخص الذي يحقق نجاحاً يحصل على أعلى مستوى من الاحترام بصرف النظر عن خلفيته الاجتماعية أو عرقه أو ديانته. وهذا هو الحلم الأميركي المتمثل في روح الحرية التي تقدم لأي شخص يحقق النجاح بالكدح فرصة للرخاء والمساواة. ورصدت جماعتي البحثية في ستانفورد ودوك أنه حتى عام 2014 كان نحو 16 في المئة من المشروعات الرائدة في وادي السيلكون مؤسسها هندي. والسر في نجاحهم هو التعلم وإجادة قواعد الانخراط في وادي السيلكون وهو إقامة العلاقات وتبادل الأفكار ورعاية الآخرين. فيفيك وادهوا أكاديمي ومستثمر أميركي في مجال التكنولوجيا ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»