تعد الصين ثاني أكبر اقتصاد في العالم، لذلك فإن أي تدهور يصيب الاقتصاد الصيني يمكن أن يتسبب في إضرار للاقتصاد العالمي، كما أن أي تغير إيجابي كبير في النمو الاقتصادي الصيني، يكون له تأثير فوري على كثير من البلدان التي أصبحت تعتمد على السوق الصيني في التصدير وتصدير البضائع الأولية بخاصة. وكان من الواضح أن خفض قيمة اليوان في الآونة الأخيرة جعل الصادرات الصينية أكثر تنافسية من صادرات كثير من الدول المنافسة والمجاورة، والتي كانت قد بدأت تحتل مكان الصين باعتبارها مورداً للسلع الرخيصة. لكن ربما أهم نتيجة للأزمة الصينية الحالية تتعلق بتهاوي السوق الدولية لأسعار النفط. فقد انخفض النفط بشدة لما يزيد على عام بسبب التخمة في الإمدادات الجديدة، وذلك نتيجة ثورة تكنولوجيا استخراج النفط الصخري في أميركا الشمالية، وعدم رغبة البعض من كبار المنتجين في تقليص إنتاجهم اليومي. وفي ظل السعر الحالي الذي يدور حول 40 دولاراً للبرميل، أصبحت التحديات شديدة بشكل خاص للدول التي تستمد معظم مصادر دخلها من صادرات النفط وليس لديها صناديق كبيرة للثروة السيادية تعتمد عليها في وقت الحاجة المالية. وفنزويلا والأكوادور ونيجيريا وروسيا وإيران، تعتبر من الدول المعرضة للاضطراب السياسي إذا واصلت أسعار النفط هبوطها على النحو الحالي، وإلى حد تؤثر معه على مستويات المعيشة وعلى الحد الأدنى من النمو الاقتصادي. ويأمل بعض المحللين الغربيين أن يصبح زعماء روسيا أقل عداءً في تحركاتهم إزاء أوكرانيا وشرق أوروبا، بسبب الضغوط الاقتصادية، بما في ذلك تراجع أسعار النفط والعقوبات الغربية المفروضة على موسكو. لكن الرأي الأكثر تشاؤماً يذهب إلى أنه في أوقات الشدة الداخلية لا يُنتظر من زعيم مثل فلاديمير بوتين إلا أن يصعِّد، على الأرجح، مواجهته مع الغرب، معتمداً في ذلك على مشاعر الروس الوطنية العميقة وخبراتهم طويلة الأمد في تحمل الشدائد الاقتصادية في سبيل الوطن والأمة الروسيين. وهناك دولتان ستتأثران على نحو خاص بالأزمة الحالية، هما العراق وإيران، فكلاهما تريد تعزيز إيراداتها من النفط. وتأمل إيران بصفة خاصة أن تؤدي صفقة الاتفاق النووي الذي أبرمته في الآونة الأخيرة مع مجموعة (5+1) إلى إنهاء العقوبات على صناعتها من النفط، وأن تصبح قادرة على تعزيز إنتاجها وصادراتها. ويحتاج العراق الذي يواجه حرباً أهلية وانقساماً داخلياً شديداً في البلاد إلى أكبر قدر ممكن من العائدات من صادرات النفط، لمنع البلاد من الانقسام فعلياً. وتأمل إيران والعراق، مع الأعضاء الآخرين في منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك)، أن يقلص المنتجون الرئيسيون من جانب واحد إنتاجهم اليومي الكبير. لكن هؤلاء لم يبدو أي استعداد لتقليص الإنتاج، بل قاموا بتوسيع قدراتهم الإنتاجية لتصدير المزيد من النفط. وتلعب الاحتياجات الداخلية للدول المنتجة الرئيسية دوراً مهما في هذا الأمر. ولذا، فإذا كانت دول الشرق الأوسط تحتاج إلى مواصلة التصدير للاحتفاظ بسوقها أو لتطوير أسواق جديدة، خاصة بعد أن أصبحت الولايات المتحدة أكثر اكتفاءً ذاتياً في إنتاج النفط، فإن فرص موافقة هذه الدول على خفض الإنتاج تتقلص. وهذا يعود بنا إلى الصين. فإذا استطاعت الصين أن تخرج من الأزمة المالية الحالية وتواصل نمواً اقتصاديا يدور حول سبعة في المئة خلال العام الجاري، فإن طلبها على النفط سيتعافى وسيوفر المزيد من الدخل للدول المحورية المنتجة للنفط ولأسواق شركائها في الخارج. لكن إذا كان الاقتصاد الصيني في حال أسوأ بكثير مما يعترف به الزعماء الصينيون، فإن توابع اقتصاد صيني أضعف ستكون عالمية. وكل شركاء الصين التجاريين، ومن بينهم الولايات المتحدة وأوروبا، سيعانون من عدوى كساد صيني. ويرجع جزء من المشكلة إلى الافتقار للشفافية داخل الصين نتيجة التفكير وربما الأفعال المنعزلة والقيادة المثيرة للشكوك. فعدم اليقين من العوامل التي تكرهها الأسواق المالية. وحتى تظهر علامات أوضح على الاتجاهات الأطول أمداً في الاقتصاد الصيني، ستظل الأسواق العالمية قلقة وأسواق الأسهم عرضة لتقلبات شديدة. وإلى ذلك فإن ما يحدث في الصين سيؤثر على قرار الاحتياط الاتحادي الأميركي بشأن زيادة أو عدم زيادة معدلات الفائدة لأول مرة منذ الأزمة المالية العالمية لعام 2008. وهذا سيثير جدلا بشأن صحة الاقتصاد الأميركي وكيفية معالجة العلاقات مع الصين. وسوف يصبح هذا الشأن عنصراً محورياً في المناظرات الرئاسية التالية لدى الجمهوريين والديمقراطيين.