منذ الانتهاء من التوقيع على الاتفاق النووي الإيراني، لم يزل حبره سائلاً ويتصبب نفوذاً متزايداً لإيران في المنطقة، بذريعة القبول الدولي لها، بعد أن كانت تحت الضغوط المتوالية لعقود مضت، بسبب من سلوكياتها غير المرغوبة لدى العالم أجمع، إلا ممن تمدهم إيران بماء الأكسجين ودماء الضحايا المتساقطين على مدار الساعة. نبدأ من تصريحات «مايك هاكابي» المرشح الجمهوري المحتمل للانتخابات الرئاسية الأميركية المقبلة، حيث أدلى بها قبل زيارته لإسرائيل منذ أيام وأثار جدلاً ولغطاً زائداً حين قال: «إن الرئيس أوباما يسوق الإسرائيليين للأفران بعقده الاتفاق النووي مع إيران»، و«لا يمكن الوثوق بالنظام الإيراني، فنحن يتم دفعنا لعقد صفقة لا نحصل منها على شيء، بينما نعطي الإيرانيين الفرصة في الوصول في النهاية لتصنيع السلاح النووي وهو جنون حقيقي». طبعاً نعلم يقيناً بأن هذا الحديث يدخل ضمن الحملات الانتخابية التي تسعى إلى كسب ود إسرائيل واللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة، إلا أنه كذلك يحمل في طياته ما يمكن أن تؤول إليه نتائج الاتفاقية النهائية على أرض الواقع، وليس ما سطرت به الكلمات الفضفاضة والتي ستضع عند الاختلاف مستقبلاً للتأويل والتبرير والتفسير وفقاً لأهواء راسميها في الكواليس المغلقة وليست المظلمة. هذا على المستوى العالمي، أما على المستوى الإقليمي، فإن إيران ممثلة في ذراعها التي تعتمد عليها كلما طال نفوذها أحداً من العالمين، ونعني به «الحرس الثوري» الذي لا زال يطالب بالبحرين لإيران وذلك بتاريخ 17-08- 2015. ويفضح هذا النهج الإيراني وزير الداخلية البحريني في 24-08- 2015 عندما صرح قائلاً: «لا نعاني من احتقان طائفي، بل من التدخلات الإيرانية». وفي هذا الإطار قال مدير عام الإدارة العامة للمباحث والأدلة الجنائية، إن الشرطة البحرينية ألقت القبض على نائب برلماني سابق وعضو بجمعية «الوفاق» السياسية بتاريخ 18 أغسطس 2015، لدى عودته من إيران، وذلك بسبب قضايا تتعلّق بتمويل الإرهاب. وبعد تحرير إيران من العقد النووي، كذلك ذهبت إلى تصدير نفوذها من جديد إلى الكويت الشقيقة، وقد هددتها من أجل الإفراج عن خلية «حزب الله» الكويتية، والتي أرادت أن تقلب الأمن والاستقرار في الكويت رأساً على عقب ولكن الله سلّم. إننا أمام حالة من التناقض الصارخ بين ما تسوق له إيران من أقوال السلم والسلام والأمن والأمان، ودعمها الفاضح للخلايا النائمة والمستيقظة في الجوار الإقليمي الذي تدعي له حسن الجيرة وطيب المقام. هل لنا أن نفك هذا اللغز الإيراني الذي أصبح محلولاً ومفضوحاً لدى الجميع، وليس الباحثين والمحللين والمراقبين فقط. ألم يئن أوان المصارحة والمكاشفة لكافة المتضررين من النفوذ الإيراني الذي زاد كيله في المنطقة برمتها، فهل من وقفة جادة أمام هذا السيلان الإيراني تجاه كل من يمد إليها يد الأخوة والمحبة والصداقة والجيرة الجغرافية المحتومة. لسنا دعاة حرب، بل دعاة محبّة وسلام حقيقي فقوة الحق يجب أن تسود وليس حق القوة كما تمارس به إيران في المنطقة أدواراً أقل حالها أن تكون مشبوهة، وأكثرها أن توقع مناطق نفوذها المصطنع في شرك الطائفية والحزبية البغيضة، فهل لنا من ذلك من مخرج؟!