ما زال كثير من أعضاء الكونجرس حائرين في أمر الصفقة النووية مع إيران... ونحن مثلهم، والحائرون يقرون بفوائد الصفقة. فالصفقة تعرقل تخصيب اليورانيوم وفصل البلوتونيوم والوسائل غير المعلنة للحصول على قنبلة نووية في السنوات الخمس عشرة المقبلة. ومقارنة مع الوقت الحاضر الذي لا تبعد فيه إيران عن قدرة الانطلاق لإنتاج قنبلة نووية إلا ثلاثة أشهر، كما أن لديها مخزوناً من اليورانيوم منخفض التخصيب يكفي عشر قنابل، فلا يكاد يكون هناك شك في أن الصفقة تجعلنا في حال أفضل بكثير لتتمخض عن فترة سابقة على الانطلاق مدتها عام ولا تسمح للإيرانيين إلا بالحصول على مواد أقل مما يكفي قنبلة واحدة في السنوات العشر المقبلة. ولا نعتقد أيضاً أن الكونجرس إذا عرقل الصفقة سيجري التفاوض على صفقة أفضل. فهل سيكون أعضاء مجموعة 5+1 مستعدين للعودة إلى طاولة التفاوض لأن الكونجرس رفض الصفقة؟ نشك في ذلك. وإذن، فإذا كانت الصفقة ذات فوائد واضحة وليس هناك بديل تفاوضي واضح لها، فلماذا نظل حائرين؟ ببساطة لأن الصفقة لا تضع قيوداً على مقدار ما يستطيع الإيرانيون بناءه وتوسعته في بنيتهم التحتية النووية بعد 15 عاماً، وحتى شروط المراقبة التي تستمر فيما يتجاوز الخمسة عشر عاماً قد يتبين أنها غير كافية مع نمو البرنامج النووي الإيراني. وقدرة إيران على زيادة إنتاجها بشكل كبير من المادة المخصبة بعد 15 عاماً قد تكون كبيرة مع تركيبها خمسة نماذج متقدمة من أجهزة الطرد المركزي بدءاً من العام العاشر من الاتفاق. وقد أكد الرئيس أوباما أن الاتفاق يعتمد على التحقق وليس على الثقة. والتحقق لا يعني فحسب أنه يمكننا ضبط الإيرانيين متلبسين بالغش، بل الأهم أن يدركوا أنهم سيدفعون ثمناً كبيراً عندما نضبطهم. وبمعنى آخر: فالردع محوري ليس فقط في أن نضمن مراعاة الإيرانيين للاتفاق ولكن أيضاً في منعهم من تطوير أسلحة نووية. ويتعين أن تعرف إيران أننا لن نسمح لها أبداً بأن تصبح دولة نووية. وقد حان الوقت كي يعلم الإيرانيون والعالم أن طهران إذا انحرفت ناحية امتلاك سلاح نووي، وخاصة بعد العام الخامس عشر، فسيؤدي هذا إلى استخدام القوة. وعند هذه المرحلة سيكون قد فات أوان العقوبات في منع واقع وجود إيران نووية. ومن المهم بشدة أن يعلن الرئيس هذا بوضوح خاصة مع الأخذ في الاعتبار تردده الملحوظ في استخدام القوة، فلو أن أوباما واضح تماماً بشأن استخدام القوة في حال انتهاك إيران التزاماتها، لقبل المجتمع الدولي مشروعية استخدام ضربات عسكرية كرد. صحيح أن أوباما أكد أهمية منع إيران «من الحصول أبداً على سلاح نووي»، والأهم من ذلك أنه ذكر أن إدارته «ستتخذ أي وسائل لازمة... ومنها الوسائل العسكرية» لمنع إيران من الحصول على أسلحة نووية. وهذا تصريح مهم، ولكن أعقبته لغة أضعف «إذا سعت إيران إلى الحصول على سلاح نووي فكل الخيارات متاحة أمام الولايات المتحدة بما في ذلك الخيار العسكري -وستظل متاحة في أثناء فترة الاتفاق وفيما بعدها». فمن المؤكد أنه لا حاجة بنا أن نتكلم عن خياراتنا ولكن عن استعدادنا لاستخدام القوة، إذا انحرف الإيرانيون ناحية الحصول على سلاح نووي خاصة بعد العام الخامس عشر، فالتهديد بالقوة سيردع الإيرانيين على الأرجح. ويتعين أن يعلم الإيرانيون أيضاً أنهم إذا أنتجوا يورانيوم عالي التخصيب -الذي لا يوجد غرض مدني مشروع يبرره، فإننا سنعتبر هذا نية لصنع سلاح وسنتصرف بناء عليه، ولا يوجد ذكر لليورانيوم عالي التخصيب في خطاب الرئيس. وتعزيز أدوات الردع ضروري في معالجة النقاط الهشة التي نراها في الاتفاق. وصدور بيان أكثر صراحة بشأن عواقب تحرك إيران صوب امتلاك سلاح نووي أو إنتاج اليورانيوم عالي التخصيب سيخفف بعض مخاوفنا. وكذلك مهمٌّ دعم الشركاء العرب البارزين لمواجهة زيادة الدعم الإيراني المحتمل لـ«حزب الله» والمليشيات الشيعية الأخرى بعد تخفيف العقوبات الاقتصادية. والردع سيكون أكثر فاعلية والتطبيق الكامل للاتفاق أكثر ترجيحاً، إذا أدرك الإيرانيون أن هناك ثمناً لكل تجاوز مهما كان صغيراً، وأننا سنرفع التكلفة مع كل تصرف لهم يزعزع استقرار المنطقة. دينيس روس: زميل في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى ديفيد بترايوس: القائد السابق للقوات الأميركية في العراق وأفغانستان والمدير السابق لـ«سي. أي. إيه» ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»