ينعقد اليوم «مؤتمر السياسات الاقتصادية» السنوي في «جاكسون هول» بولاية «وايومنج» الأميركية، ويحضره لفيف من الخبراء الأكاديميين والمشاركين في أسواق المال وكثير من رؤساء البنوك المركزية حول العالم. وعلى رغم أن موضوع المؤتمر خلال العام الجاري ينصبّ على «ديناميكيات التضخم والسياسات النقدية»، إلا أن الحدث ينبغي أن يكون أيضاً فرصة لمناقشة التحديات التي تواجه الاقتصاد العالمي، بما في ذلك التباطؤ في الدول الصاعدة والتهديد الذي يمثله على الرفاهية الاجتماعية والاستقرار المالي. ولفترة طويلة، حرص مؤتمر «جاكسون هول» على تناول مداولات من النوع الأكاديمي التي يقصد بها استباق صياغة أو إعلان أي مبادرات سياسات نقدية. ولكن، في تحول استحسنته القوى الفاعلة في الأسواق، دأب كل من محافظ البنك المركزي الأميركي الأسبق «ألان جرينسبان» وخلفه «بن برنانكي»، على استغلال هذا الحدث في تحديد محاور السياسات المحتملة. وبعد أسبوع من الاضطرابات التي اتسمت بالتحركات الكبيرة في أسعار الأصول المالية، وزيادة التذبذب، ثمة إقبال كبير اليوم على سماع وجهات نظر صنّاع السياسات في أمرين مهمين هزا الثقة في الأسواق وهما: انتشار الدليل على تباطؤ نمو الاقتصاد العالمي بقيادة الضعف العام المتزايد في الأسواق الصاعدة (مع تركيز خاص على الصين)، والأمر الثاني هو المخاوف من أن البنوك المركزية نضبت ذخيرة سياساتها ولم يعد لديها ما يكفي من زخم لمواصلة سياساتها الحالية، والسيطرة على تذبذب الأسواق، ودعم أسعار الأصول، وترسيخ حائط صد بين الأسعار والمعطيات الاقتصادية المتباطئة. ومثل هذه القضايا، إضافة إلى الأجندة الرسمية، ستكون في مقدمة مهام أولئك الذين سيحضرون إلى «جاكسون هول». ومنذ أن تولت مهام منصبها، بدت «جانيت يلين»، محافظ البنك المركزي الأميركي، أقل تحمّساً لاستغلال «جاكسون هول» كبرنامج للسياسات، ولاسيما أن كثيراً من المشاركين في السوق يتوقعون بشكل كبير إعلاناً عن سياسات مهمة في مثل هذه المؤتمرات. وبدلاً من ذلك، قلّلت من مناقشة قرارات السياسات المباشرة في مداخلاتها. وفي مايو الماضي، انتشرت تقارير حول نيتها عدم حضور مؤتمر العام الجاري. ويبدو أنه لن يكون هناك اجتماع مقبل يضم مسؤولي الاقتصاد من حول العالم حتى موعد اللقاءات السنوية لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي في النصف الأول من أكتوبر في بيرو. وبحلول ذلك الحين، سيتم ترسيخ نتيجتين هما: إما ردود سياسية وطنية منسقة بطريقة مرنة تنجح في استعادة الهدوء إلى الأسواق، وشراء مزيد من الوقت للاقتصاد العالمي يستقر مرة أخرى على طريق التعافي، أو مزيد من التذبذب الشديد في الأسواق ما يفاقم المخاوف الكبرى من نتائج عكسية في أرجاء العالم، ويعزز مخاطر دورة مشؤومة من الانكماش الاقتصادي والتذبذب المالي. وربما يأمل المستثمرون النتيجة الأولى، ولكن في غياب أية تغييرات على صعيد الأفعال والاحتمالات الخاصة بسياسات البنوك المركزية، سيكون من الأفضل أن ننصحهم بالتخطيط للثانية. يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»