كشْف خلية إرهابية في الكويت تنتمي لـ «حزب الله»، كما تناقلته وسائل الإعلام، شكّلَ مادة دسمة للمتربصين الذين أخذوا يبثون سهامهم لضرب النسيج الاجتماعي للمجتمع. بالأمس كان انفجار مسجد الصادق الذي ذهب ضحيته أبرياء، قتلى وجرحى. وكانت رسالة أمير البلاد بزيارته لمكان التفجير بعد حدوثه، موجهة للجميع بغية الحفاظ على الوحدة الوطنية وتجنب الفتنة. فإذا كانت قمة هرم القيادة السياسية تحرص على تجنيب البلاد انشقاقات اجتماعية، علينا كمواطنين كويتيين أن نعي مسؤوليتنا الاجتماعية وندرك خطورة الوضع الإقليمي لكي لا تنجرف البلاد نحو حالة من الاحتقان. فانفجار مسجد الصادق، وكشف خلية «حزب الله»، مؤشران على رغبة مدمرة لدى نفوس مريضة تجمعها إرادة الدفع نحو الفتنة. فالرغبة في التخوين الجماعي يجب صدها ووقفها، فكما يقوم بعض من أهل السنة بأعمال تتسم بالعنف والإرهاب، فهذا لا يعني أن أهل السنة كلهم مجمعون على مثل هذا السلوك، والحال نفسها بالنسبة لمقتنعي المذهب الشيعي. وإذا ما مضينا نحو التخوين الجماعي، فإننا نضر مجتمعنا بأيدينا في معركة خاسرة منذ بدايتها. لقد استخدمت الديمقراطية الكويتية لتعميق الفروقات والانقسامات الاجتماعية، وتحولت إلى وسيلة لتحقيق أهداف خاصة وليست عامة تخدم المجتمع بفئاته الاجتماعية كافة. بعض الدول العربية اختارت طريق تعزيز الانقسام، لكن هذه السياسة لم تعد مجدية، لذلك ينبغي إعادة تقييم كثير من السياسات التي تسببت في تدمير البناء الاجتماعي. والجماعات المتطرفة، سواء «داعش» أو غيرها، تعيش على مثل هذه الثغرات وتنفذ منها لتحقيق أهدافها. نحن نطمح لفكرة المساواة والاحترام المتبادل لمعتقداتنا، وعلينا أن نقبل بحقيقة الاختلاف المذهبي، وأن لا نحلم بحل هذا الخلاف الذي يعود لأكثر من 1400 سنة، فهو قديم ومتوارث. وعلى الرغم من ذلك، فإننا نملك الكثير من المشتركات بيننا، وهو ما ينبغي العمل على تعليته في خطابنا التربوي والإعلامي، والتأكيد على ضرورة الخروج من دائرة المظلومية لفئة اجتماعية أو مذهب بعينه. وينبغي كذلك أن نعي بأن غياب العدالة الاجتماعية تدفع ثمنه شرائح اجتماعية مختلفة في معتقداتها المذهبية. وإلى ذلك، فإن المنطقة الخليجية تمر بمرحلة حرجة تتطلب جهوداً جماعية لمعرفة أسباب تنامي ظاهرة الإرهاب والتطرف، وللعمل على تحقيق أسس العدالة الاجتماعية وتكريس فكرة المواطنة بين مختلف فئات الشعب. نحن لا نريد أن نستبق نتائج التحقيق ونصدر أحكاماً عاجلة، إلا أنه آن الآوان لمواجهة بعض الحقائق، وعلى رأسها التدخل الإيراني المستمر، والذي يوظف المذهبية لتحقيق أهداف خاصة. ونتمنى على إيران أن ترفع يدها عن دول وشعوب المنطقة، وتدرك أن إشعال الفتن لن يخدم مصالحها، بل سيجلب لها المزيد من الانشقاقات العرقية. وإذا ما كانت هناك توجهات حقيقية نحو الاستقرار، فعلى إيران وأنصارها أن يكفوا عن اللعب بالنار وأن يخطوا نحو المصالحة الجادة، لاسيما أن دول الخليج لا تضمر لإيران ولشعبها إلا الخير. كما أن مناقشة الملفات الشائكة، وبالأخص الملفين السوري واليمني، تشكل مدخلاً لحل سائر أزمات المنطقة التي لإيران يد فيها. أما التباهي بالسيطرة على بعض العواصم العربية، فلن يجلب إلا مزيداً من التباعد ومزيداً من الصراع والدمار للجميع. أما خلايا «حزب الله» التي تم كشفها، فينبغي التعامل معها ضمن منطق عدم الإضرار بالمصلحة الوطنية للكويت، والتي نعتبرها مسؤوليتنا الجماعية، كلنا دون استثناء.