أقامت العديد من المنظمات والهيئات الدولية الخيرية نهاية الأسبوع الماضي فعاليات وأنشطة متنوعة إحياء للذكرى السابعة لليوم العالمي للأعمال الإنسانية (World Humanitarian Day)، الذي بدأ الاحتفال به للمرة الأولى في التاسع عشر من أغسطس منذ عام 2009. ويتزامن تاريخ الاحتفال السنوي بهذا اليوم مع ذكرى الهجوم بسيارة نقل محملة بالمتفجرات عام 2003، على المقر الرئيسي للأمم المتحدة في فندق القناة بالعاصمة العراقية بغداد، مما تسبب في مقتل الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق حينها، مع 21 من زملائه. وبعد عدة سنوات من ذلك العمل الإرهابي الإجرامي، خصصت الجمعية العامة للأمم المتحدة هذا اليوم من كل عام، لدعم وتشجيع التعاون والتنسيق للجهود الرامية لمساعدة المحتاجين، والمتضررين في أوقات الكوارث والأزمات. وتعرّف الأعمال الإنسانية في مفهومها العا، على أنها الأخلاق أو المبادئ الداعية لمساعدة الآخرين في وقت الحاجة، وفي زمن الكوارث والأزمات. ولا خلاف على أن هذا المفهوم قد شهد تطوراً تاريخياً في معناه ومغزاه، وإن كانت العمومية أو الشمولية، دائماً ما شكلت مكوناً أساسياً ومحورياً من مكوناته. بمعنى أن الأعمال الإنسانية في جوهرها، لا تأخذ في الاعتبار، أو تفرق في وقت المساعدة على مواجهة المعاناة، بين الناس على أساس الجنس، أو السن، أو الديانة، أو العرق، أو الجنسية، أو الطبقة الاجتماعية. وتتنوع المجالات والظروف التي تمد فيها الأعمال الإنسانية يدها لمساعدة المحتاجين لتشمل على سبيل المثال لا الحصر: مكافحة تجارة الرقيق والاتجار في البشر عموماً، وتحسين قوانين وظروف العمل، خصوصاً فيما يتعلق بعمالة الأطفال، وإصلاح وتحسين إدارة وظروف الحياة في المنشآت العقابية والإصلاحية، والمنع والوقف التام لممارسات وأساليب التعذيب بجميع أشكالها، وتطوير وتقويم كيفية معاملة وعلاج المرضى العقليين والنفسيين، وتحسين وتطوير وضع المرأة في المجتمع وسبل صيانة وضمان حقوقها، وتطوير وخلق ثقافة مجتمعية للرفق بالحيوانات، وغيرها من المجالات الأخرى. ومن الصعب حصر جميع المواقف والمجالات التي توجه لها الأعمال الإنسانية، وإن كان من أهمها وأبرزها في الوقت الحالي، مد يد المساعدة في أوقات الأزمات والكوارث التي تصيب الشعوب والمجتمعات، نتيجة الحروب والصراعات المسلحة، أو الكوارث الطبيعية، كالفيضانات، وفترات القحط والجفاف، والزلازل، وغيرها. وبغض النظر عن المجالات التي توجه لها الأعمال الإنسانية، لطالما تكرر تصدر الإمارات لقائمة الدول المانحة للمساعدات الإنسانية، حيث احتلت الدولة المرتبة الأولى عالمياً كأكبر مانح للمساعدات الإنمائية الرسمية خلال عام 2014 قياساً بدخلها القومي الإجمالي، وبحجم مساعدات بلغ 18 مليار درهم (4,89 مليار دولار)، أو ما يعادل نسبة 1,17 في المئة من الدخل القومي الإجمالي، حسب بيان لجنة المساعدات الإنمائية التابعة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية الصادر في أبريل الماضي. وبهذا الإنجاز الأخير، احتلت الإمارات للعام الثاني على التوالي، المرتبة الأولى عالمياً كأكبر مانح للمساعدات الإنمائية الرسمية، قياساً بدخلها القومي الإجمالي. حيث بلغت المساعدات الإنمائية للدولة عام 2013 أكثر من 5 مليارات دولار، بعد أن زادت المساعدات الرسمية بنسبة 375 في المئة عن العام الذي سبقه، مما قفز بمركز الدولة حينها من المركز الـ19 عالمياً في 2012 إلى المركز الأول عالمياً في منح المساعدات في 2013، وهو المركز الذي حافظت عليه الدولة في عام 2014. وعلى سبيل المثال لا الحصر -مرة أخرى- كانت الإمارات من أوائل الدول التي سارعت لإغاثة اليمن ومساعدته في محنته الحالية، لدعم استقراره والحفاظ على وحدة أراضيه، حيث قدمت الإمارات مساعدات إنسانية لليمن بلغت نحو 744 مليون درهم (202 مليون دولار أميركي) خلال الأشهر الأربعة الماضية فقط. وتصدرت الإمارات بذلك الدول التي تجاوبت مع الأزمة الناتجة عن التطورات الأخيرة في اليمن -وفقاً للبيانات الصادرة عن خدمة التتبع المالي التابعة لمنظمة الأمم المتحدة- لتستأثر الإسهامات والمساعدات التي قدمتها الدولة ومؤسساتها الإنسانية بتوجيهات قيادتها الرشيدة ما يقارب 31 في المئة من إجمالي مساعدات دول العالم خلال الأزمة اليمنية في العام 2015.