تمثل مؤشرات أداء القطاع العقاري في أي دولة إحدى الواجهات المعبرة بوضوح عن مدى الزخم والنمو الذي يعيشه اقتصاد هذه الدولة، إذ إن انتعاش هذا القطاع ونموه وازدهاره، يعني أن الاقتصاد الكلي يعيش حالة مماثلة من النمو والازدهار على الصُّعُد كافة. هذا لأن القطاع العقاري يُعَدُّ أحد أكثر القطاعات الاقتصادية تشابكاً وترابطاً مع غيره من القطاعات، فمخرجاته تُعَدُّ أصلاً لا يمكن لأي نشاط اقتصادي آخر الاستغناء عنه، كما أن هذا القطاع من أكثر القطاعات استخداماً لمنتجات القطاعات الأخرى كمدخلات بالنسبة إليه، بما في ذلك مواد البناء والمرافق والخدمات العامة والموارد الطبيعية ومصادر الطاقة والأراضي، فضلاً عن العمالة الكثيفة، وهو ما يزيد ترابطه وأهميته بالنسبة إلى باقي القطاعات ومن ثمّ للاقتصاد الكلي. ومن هذا المنطلق، فإن مرحلة النمو والازدهار، التي يعيشها القطاع العقاري في دولة الإمارات العربية المتحدة حالياً، هي واجهة معبرة عما يعيشه الاقتصاد الوطني من نمو وازدهار وتوسع في الأنشطة كافة، فمؤشرات النمو التي يسجلها القطاع العقاري في مختلف مناطق الدولة، التي كان آخرها البيانات التي نشرها الملحق الاقتصادي لجريدة «البيان»، مؤخراً، بشأن القيمة الإجمالية للمشروعات العقارية التي جرى إطلاقها في الدولة منذ بداية العام الجاري، التي بلغت نحو 111 مليار درهم (30 مليار دولار)، إنما هي تعبير عن طبيعة النمو الذي يعيشه الاقتصاد الوطني، ولا سيما أن قيمة هذه المشروعات تتجاوز القيمة الإجمالية لجميع المشروعات التي شهدتها الدولة في عام 2014 كلها. يضاف إلى ذلك ما ذكرته أيضاً شركة «مزايا القابضة»، مؤخراً، بشأن أن القطاع العقاري في إمارتي أبوظبي ودبي يعتبر الأنشط على مستوى المنطقة والعالم حالياً. وللبحث عن دلائل توضح مستوى النمو في الاقتصاد الوطني الإماراتي حالياً، فقد قدّرت مؤسسة «الإيكونوميست» هذا النمو بنحو 3,6%، كما قدّر «صندوق النقد الدولي» معدل نمو الاقتصاد الإماراتي غير النفطي بنحو 4,8% خلال الاثنى عشر شهراً الماضية. وتكتسب المؤشرات الإيجابية للأداء الحالي في القطاع العقاري في دولة الإمارات العربية المتحدة المزيد من الأهمية من زوايا أخرى، فما يشهده القطاع من نمو وازدهار عاماً بعد آخر، إنما هو دليل على أن الجهود الحثيثة التي تبذلها الحكومة الإماراتية، سواء على المستويين الاتحادي أو المحلي بكل إمارة، تجاه تنويع الاقتصاد الوطني، جهود موفقة وناجحة في تحقيق أهدافها إلى حدٍّ بعيد، إذ إن استمرار القطاع العقاري في النمو دليل آخر على أنه أصبح محفزاً كبيراً وذا دور فاعل في دفع الاقتصاد الكلي في الدولة، كما أنه أصبح مصدراً مستداماً للدخل، هذا بالإضافة إلى ما يمثله من قناة مهمة لتوليد فرص العمل، ليس فقط في الشركات والمؤسسات العاملة فيه بشكل مباشر، ولكن أيضاً في القطاعات والأنشطة المرتبطة به كافة من قريب أو من بعيد، التي يصل عددها إلى نحو 90 صناعة ونشاطاً. ومن ذلك، يمكن القول إن القطاع العقاري في دولة الإمارات العربية المتحدة يمارس العديد من الأدوار الاقتصادية والتنموية في الوقت الراهن، وهذا الأمر سيظل متحققاً في المستقبل والمدى البعيد أيضاً، في ظل النهج التنموي الذي تتبنّاه الدولة، الذي يتمتع بوجه حضاري وعمراني متطور، ويأخذ من القطاع العقاري أداء وآلية محورية لتحفيز النمو الاقتصادي الكمي، وضمان استدامة التنمية الشاملة. عن نشرة أخبار الساعة الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية