بعد تحرير «الاتفاق النووي» الغربي- الإيراني تنفس العالم الصعداء واستبشر البعض وظن أن هذه الخطوة العالمية والإقليمية ستغير من «سلوك» إيران، علماً بأن مصطلح «سلوك» لا علاقة له بالسياسة فهو أمر نسبي إلا أنه في الحالة الإيرانية منطق مستمر منذ أكثر من 36 عاماً، منذ انطلاق الثورة الخمينية في إيران. وإذا أردنا أن نسترسل مع المنطق ترى ماذا أصاب العالم الغربي بشقيه من ضرر السلوك الإيراني، كم رصاصة إيرانية أطلقت على الشعوب الأوروبية، وكم عدد الحرس الثوري الإيراني الذي يعبث في جغرافيا العالم العربي، وهل هناك مقارنة مقبولة في حجم هذا الضرر؟ لبنان وسوريا والعراق واليمن والبحرين والكويت لاحقاً باتت مناطق مستباحة لممارسة «السلوك» الإيراني الذي يراد تغييره بكل أنواع التنازلات السياسية التي تقوي من نفوذها ولا يساعد على عقلنة إيران الثورة. بعد الانتهاء من التوقيع على «الاتفاق النووي» وقبل أن يجف حبره يصرح وزير خارجية إيران قائلاً إن بلاده: «ستواصل تعزيز قدراتها الدفاعية، وستستمر في تقديم الدعم العسكري لحلفائها في المنطقة». ويا ليت الوزير الإيراني وقف عند هذا الحد وكفى، إلا أنه أضاف إلى ذلك قائلاً: إنه لولا دعم طهران لحلفائها، لكان الكثير من عواصم المنطقة تحت سيطرة داعش»! وكأن إيران بهذا «السلوك» تضيف إلى سجلها الفضل في دحر «داعش» عن المنطقة برمتها! وأما قوات التحالف التي تحارب «داعش» في عقر احتلالها للأراضي العربية فلا وزن لها لدى هذا «السلوك» الإيراني! وقد قام أخيراً المرشد الإيراني بكسر كل القيود البروتوكولية في العالم أجمع عندما استقبل المالكي بعد أن حمّلته لجنة التحقيقات مسؤولية تقديم العراق هدية على طبق من ذهب لـ«داعش» في الموصل، ومن قبل كانت مهداة إلى إيران عداً ونقداً. دافع «المرشد» عن المالكي الذي تم تعيينه رئيساً للعراق لثماني سنوات عجاف وقال إن من يمس شعرة للمالكي فإنه على استعداد تام لحرق العراق وهدمه على رؤوس أصحابه، لأن المالكي يساوي لدى المرشد العراق وأهله. فالنفوذ الإيراني من بعد الاتفاق في تفاقم والرهان في تغيير هذا «السلوك» بعد رسوخه في عقلية الملالي قرابة أربعة عقود ليست بالمهمة السهلة، فهذا «السلوك» هو معول لهدم العالم العربي من أساسه الذي لم يصل إلى هذه النتيجة اليوم، فلن يصل إليها غداً بعد أن كثرت الخلايا النائمة الإيرانية في دول الخليج على وجه الخصوص واتهام إيران و«حزب الله» من قبل الحكومات بالتورط في كل ذلك، فماذا ننتظر أكثر من هذا، حتى نحافظ نحن المتضررين على سلوكنا تجاه إيران؟ إننا فعلاً أمام معضلة في كيفية التعامل مع إيران، نقول بالمختصر المفيد عندما يقابل وزير خارجية إيران أثناء زيارته القادمة للبنان وزير خارجيته وليس «نصر الله» فإن مؤشر التغيير السلوكي يمكن أن يميل لصالح الدولة الطبيعية، أما بغير ذلك فإن تصدير الثورة وحراسها إلى مناطق النفوذ الإيراني هو الذي سيحكم المعادلة الإيرانية الإقليمية والعالمية، وإلى ذلك الحين فـ«السلوك» الإيراني لن يتغير.