في لقائه مع نظرائه الخليجيين مؤخراً، أعلن وزير الخارجية الأميركي (جون كيري) أن الولايات المتحدة ستُسرّع بيع الأسلحة لدول الخليج، وأضاف: «توافقنا على البدء بعمليات تدريب محددة جداً»، وأشار إلى أن ذلك يهدف إلى تبادل وتقاسم معلومات استخباراتية. وقد جاء ذلك اللقاء وسط مخاوف من انتشار الأذرع الإيرانية إلى مناطق أخرى في منطقة الخليج، بعد التوصل لاتفاق جنيف في يوليو الماضي بين مجموعة (5+1) وإيران، واجتمع الوزير الأميركي مع نظيره الروسي (سيرجي لافروف) مساء الثالث من الشهر الجاري، وتركز اجتماعهما على الوضع المتفجر في سوريا. وخلال اجتماعات الدوحة أكد وزير الخارجية القطري خالد بن محمد العطية أن «دول مجلس التعاون تدعم الأمن والاستقرار في المنطقة»، وأن جهود واشنطن وحلفائها لمعالجة مسألة السلاح النووي، من شأنها أن تجعل المنطقة أكثر أمناً واستقراراً، كما أشار إلى أن الاتفاق النووي مع إيران هو الخيار الأنسب لمعالجة الأزمة النووية عن طريق الحوار. وتكهنت بعض المصادر بوجود تفاهم خليجي روسي حول حل سلمي للأزمة السورية، حيث أكد وزير الخارجية الروسي خلال اجتماعه مع وزير الخارجية القطري، حرص بلاده على أمن واستقرار دول مجلس التعاون، وعلى تطوير العلاقات معها في المستويات الأمنية والاقتصادية وفي سوق الغاز الطبيعي، لكن لافروف أبدى وجهة نظر «خاصة» فيما يتعلق برحيل نظام بشار الأسد، ووقف عمليات الإرهاب، حيث أشار إلى «عدم جدوى توجيه ضربات عسكرية في سوريا»، مبرراً ذلك بالقول: «إن الأمر سيخلق مشاكل أكبر وسيُعقد أي إمكانية للحل السياسي»، فهل توافق الإدارة الأميركية على هذا التوجه، خصوصاً بعد إعلان الرئيس الأميركي أن هناك نافذة قد فُتحت قليلاً لإيجاد حل سياسي في سوريا، وهذا لا يعني بالضرورة استبعاد النظام السوري من الحل القادم! وكان وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، قد أكد أن الاجتماع مع كيري ناقش قضية التصدي لسياسة إيران العدوانية في المنطقة، بما فيها إرهاب «داعش» والحوثيين، وأشار إلى أن دول التعاون الخليجي أكدت لكيري أنها مع أي اتفاق يمنع إيران من الحصول على السلاح النووي، ومع آلية تفتيش صارمة عليها، على أن تكون هناك عودة فورية للعقوبات ضد إيران، حال انتهاكها بنود الاتفاق الذي وقعته مع (5+1). الرئيس الإيراني حسن روحاني اعتبر أن الاتفاق النووي سيخلق مناخاً جديداً لتسوية الأزمات الإقليمية، مثل الأزمتين اليمنية والسورية. وربط روحاني بين تحقيق الأمن والاستقرار في المناطق المشتعلة، وبين «المحافظة على مبادئنا»! والسؤال هو: هل تحتاج دول التعاون إلى «طمأنة» أميركية؟ وماذا يعني الرئيس الإيراني بمقولة «المحافظة على مبادئنا»؟ يتراءى لكل مراقب أن هدف تلك المقولة هو إبراز التصميم الإيراني على دعم الذين يزعزعون الأمن والاستقرار في المنطقة على أسس عقائدية، خاصة «حزب الله» في لبنان، والحوثيون في اليمن.. فهل يدخل ذلك في حزمة «الطمأنة» الأميركية أيضاً؟ الواضح أن الرئيس الإيراني وضع مقولته في وقت غير ملائم، وفي سياق يتنافى مع المناخ الجديد لتسوية أزمات المنطقة. وهذا يهدد «الطمأنة» الأميركية، ويجعل الحذر والترقب والتوجس أكثر حضوراً في أي نقاش حول الدور الإيراني الجديد في المنطقة، والمتكئ على حالة الانسجام المستجدة بين واشنطن وطهران، والتي لا يود الأميركيون إبرازها، فتأتي تصريحاتهم عائمة وعمومية تحاشياً لأي إحراجات قد تجهض الحمل الجديد في العلاقات الأميركية الإيرانية، لذلك نتساءل: هل فعلاً تحتاج دول التعاون إلى «طمأنة» أميركية في هذا الوقت؟ كان من الأفضل أن تتعهد إيران بكف اليد عن التدخل في الشؤون الداخلية لدول المنطقة العربية تحت أي دعاوى، وأن يكون هناك اتفاق بهذا الشأن، ويكون ملزماً، ويُلحق باتفاقية جنيف حول نووي إيران. يبدو أن الطبخة لم تنضج بعد. دعونا ننتظر تطورات الأيام القليلة القادمة، فقد يكون فيها ما يُعجل بوجود طبخة يستلذ بها الجميع.