تتواصل المعارك التمهيدية لانتخابات الرئاسة الأميركية المقبلة، وآخر تطوراتها على جبهة الحزب الديمقراطي ما أظهرته نتائج استطلاعات الرأي، الخميس الماضي، من تقدم للمنافس الديمقراطي «بيرني ساندرز» على هيلاري كلينتون التي خسرت للمرة الأولى صدارة المتنافسين على الفوز بترشيح الحزب الديمقراطي لانتخابات الرئاسة لعام 2016. فمن هو ساندرز؟ وماذا عن سجله السياسي؟ وما هي أبرز مواقفه؟ بيرني ساندرز سياسي أميركي، سبق أن ترأس بلدية برلنجتون، كما كان عضواً في مجلس النواب، ثم انتخب لعضوية مجلس الشيوخ عن ولاية فيرمونت في يناير 2007، وهو مرشح للفوز بترشيح الحزب الديمقراطي لانتخابات الرئاسة، رغم كونه ليس عضواً بالحزب. وقد ولد بيرني ساندرز في بروكلين عام 1941، لبولندي يهودي مهاجر، وتخرج في جامعة شيكاجوا بشهادة في العلوم السياسية عام 1964، حيث انتقل إلى ولاية فيرمونت، وامتلك محلاً للنجارة ثم عمل في مجال الصحافة والإعلام. وانضم ساندر، في عام 1971، إلى «حزب الحرية» الذي كان مناهضاً لحرب فيتنام، وحاول عبثاً الفوز بعضوية مجلس الشيوخ كمرشح مستقل في عامي 1972 و1974، ثم بمنصب حاكم ولاية فيرمونت في أعوام 1972 و1976 و1986، وكانت فيرمونت لا تزال معقلاً للحزب الجمهوري. بيد أنه انتخب في عام 1981 عمدة لمدينة برلنجتون، أكبر مدينة في فيرمونت ومقر جامعتها، وكان فوزه مفاجأة للجميع، وسرعان ما أصبح عمدة نشطاً ومحبوباً، لتتم إعادة انتخابه مرتين بعد ذلك. لكنه فقد المنصب إثر حجب الثقة عنه عام 1989. وقبل ذلك ترشح مجدداً لمنصب حاكم الولاية، عام 1986، فحصل على 14.5? من الأصوات أمام الحاكم المنتهية ولايته، مادلين كونين، الذي فاز بالأغلبية المطلقة من الأصوات. ثم رشح نفسه في عام 1988 لانتخابات مجلس النواب ممثلاً لولاية فيرمونت، لكنه هزُم على يد الجمهوري بيتر سميث، قبل أن يثأر منه في انتخابات 1990 إذ فاز عليه بنسبة 56? من الأصوات، ليصبح أول مرشح مستقل ينتخب لعضوية الكونجرس الأميركي منذ عام 1950. وقد انتخب ساندرز ست مرات في الفترة بين عامي 1991 و2007، كمرشح مستقل، وانتخب مرة واحدة (عام 1994) مرشحاً عن الحزب الديمقراطي، حيث حصل على أقل من 55? من الأصوات، بينما حصل في انتخابات 2004 على نسبة 69? من الأصوات مقابل الجمهوري جريج بارك (24?) والديمقراطي لاري دراون (7?). وخلال سني عضويته في الكونجرس، صوّت ساندرز لتشديد الإجراءات الجنائية ضد صانعي الأسلحة النارية، ولحظر استنساخ البشر، كما عارض حربي العراق (1991 و2003).. وأيد بقوة نظام الضمان الاجتماعي الشامل، وقوانين حماية العمال الأميركيين من الآثار المترتبة على التجارة الحرة، وعارض السياسات الاقتصادية الليبرالية لآلان جرينسبان، حين كان رئيساً للاحتياطي الفيدرالي الأميركي. ورغم كونه مستقلاً فقد ساند ساندرز كل مرشحي الحزب الديمقراطي للرئاسة منذ عام 1992، وأمضى ثماني سنوات على رأس تجمع «الديمقراطيين التقدميين»، الذي يضم 65 نائباً برلمانياً. وحين أعلن ترشحه لانتخابات مجلس الشيوخ عن ولاية فيرمونت عام 2006، ورغم شكوك الديمقراطيين حياله، فقد أيده العديد من قادتهم، مثل السيناتور تشارلز شومر، والسيناتور هاري ريد، والسيناتور هوارد دين، والسيناتور باراك أوباما الذي جاء شخصياً إلى فيرمونت لمساندته. ومع ذلك، رفض ساندرز الترشيح باسم الحزب الديمقراطي وإن قبل دعمه رسمياً، ليتم انتخابه في نوفمبر 2006 بنسبة 65? من الأصوات مقابل 32? لمنافسه رجل الأعمال الجمهوري ريتشارد تارانت. وفي مجلس الشيوخ أصبح ساندرز، إلى جانب زميله «ماين أنجوس كينج»، المستقلين الوحيدين في الكونجرس، حيث اشتهر أيضاً بمعارضته الشديدة لقرار أوباما تمديد الإعفاءات الضريبية، التي كانت إدارة بوش الابن قد أقرتها. وابتداءً من نسبة 2? التي حصل عليها ساندرز في أول انتخابات يخوضها عام 1972، ظل يكسب المزيد من الأصوات في كل انتخابات ينافس فيها، وآخرها حين أعيد انتخابه لعضوية مجلس الشيوخ، في نوفمبر 2012، بنسبة 71? مقابل 27? لمنافسه الجمهوري جون ماكجفرن. لهذا قال لدى إعلان ترشحه، يوم الـ26 من مايو الماضي، كأول شخص يتحدى وزيرة الخارجية السيدة الأولى سابقاً هيلاري كلينتون، «يتوجب عليهم ألا يستهينوا بي.. وقد ترشحت خارج نظام الحزبين، وتغلبت على الديمقراطيين والجمهوريين معاً، وعلى مرشحين مدعومين بأموال كثيرة.. أعتقد أن الرسالة التي انطلقت من فيرمونت لابد أن تدوّي في كل أنحاء البلاد»، في إشارة لكونه مرشحاً مستقلاً لا ينتمي للحزب الديمقراطي. وفي يوم الخميس الماضي أظهرت نتائج أحدث استطلاعات الرأي أن ساندرز يتصدر نوايا التصويت لدى الناخبين الديمقراطيين في ولاية نيوهامشير، متقدماً على كلينتون التي ظلت تحتل المرتبة الأولى، وبفارق كبير عن أقرب منافسيها على ترشيح الحزب الديمقراطي. وتحظى العديد من مواقف ساندرز بمؤيدين غير قليلين، مثل تأييده القوي للرعاية الصحية الشاملة، ومعارضته للتجارة الحرة، وللاحتكارات الإعلامية الكبرى، واعترافه بحقيقة التغير المناخي وما يترتب عليه من مخاطر، ومطالبته بوقف الترخيص للمحطات النووية، ودفاعه عن السماح بالإجهاض و«حق الزواج للجميع». كما يحظى بشعبية معتبرة في ولايتي نيوهامشير وفيرمونت على الأقل. بيد أن شرائح واسعة (خاصة من البيض والأثرياء) وولايات كثيرة لا تؤيده، وكذلك العدد الأكبر من قادة الحزب الديمقراطي نفسه.. لذلك فإن فرصة فوز السيناتور ساندرز، الاشتراكي البولندي القادم من فيرمونت، برئاسة البيت الأبيض، لن تكون كفرصة الكيني أوباما قبل سبع سنوات، بل تبقى ضيقة ومحدودة للغاية. محمد ولد المنى