مرة أخرى، يغرق «الجمهوريون» في الخلاف على تسمية المرشح للانتخابات الرئاسية لعام 2016. ولعل ذلك يعود بالذاكرة إلى سباق عام 2012، حيث نظم «الحزب الجمهوري» 20 جولة تمهيدية. وتتفق أوساط القيادات الجمهورية على أن الإفراط في عقد جولات النقاش التي لعبت دور منصة للأخذ والردّ والانحراف عن الهدف، هو الذي أفسد خطط المرشح النهائي المسمى عن الحزب «ميت رومني» في انتخابات عام 2012. وكان اقتراحه القاضي بطرد المهاجرين غير القانونيين في دائرة الهجرة من الولايات المتحدة، قد دفع «راينس برايباس» رئيس «اللجنة الوطنية الجمهورية» إلى وصفه بأنه «اقتراح مرعب»، عقب جولة الانتخابات التمهيدية التي نظمها الحزب الجمهوري في ولاية فلوريدا. وفي محاولة لإبقاء العربة على السكة استعداداً لانتخابات 2016، عمدت «اللجنة الجمهورية الوطنية» إلى تغيير قواعد اللعبة العام الماضي عندما قررت تقليص كل من عدد جولات النقاش وعدد المرشحين الذين سيظهرون في الجولة الأولى هذا الأسبوع. وهكذا جاء دور «دونالد ترامب». ويمكن اعتبار «ترامب» الرجل الذي يعبّر بوضوح عن مشاكل الجمهوريين بأكثر من كونه متسبباً فيها. وربما لم يكن خبير استطلاعات الرأي في الحزب الجمهوري «دافيد ونستون»، والذي يعمل الآن مستشاراً للناطق باسم الكونجرس «جون بويهنير»، يفكر في «ترامب» عندما نشر تحليلاً جديداً حول جولات الحوار الجمهوري عشيّة الانتخابات الرئاسية لعام 2012، وذلك لأن «ترامب» لم يسجّل أي ظهور له أثناء تنظيمها. ولم يركز «ونستون» اهتمامه على قوة وطبيعة الخطاب الجمهوري في جولات 2012، بل على الأولويات التي كان يطرحها. ووردت في التحليل الذي نشره «ونستون» الجملة التالية: «رغم أن الناخبين الجمهوريين كانوا يصرّون على القول خلال استطلاعات الرأي بأن القضايا الاقتصادية تقع على رأس اهتماماتهم عند تحديد المرشح الذي سيصوتون له، فإن القضايا المتعلقة بالاقتصاد لم تكن تُطرح خلال جولات النقاش». ويبدو أن الأمور مختلفة هذه المرة، فها هو «جيب بوش» يكسر القاعدة ليقدّم وعوداً برفع معدل النمو الاقتصادي إلى 4% سنوياً. ويسعى فريق من الخبراء المحافظين إلى توجيه الحوار الجمهوري حول الاقتصاد نحو أرضية جديدة. وربما يدفعهم إلى سعيهم هذا، التحذير من تكرار فشل مشروع بوش الإبن للاقتطاع الضريبي من أجل زيادة معدل النمو، والذي أدى إلى نتائج معكوسة. وكما هو حال النقاش حول الاقتصاد، فإن الحوار في أوساط الجمهوريين حول السياسة الخارجية يتسم هو أيضاً بالدعوة للتصلّب وإظهار القوة. وكل المرشحين الجمهوريين تقريباً وعدوا ناخبيهم باستخدام العصا الغليظة. واستنتج «ونستون» من استطلاعات الرأي التي أنجزها أن السياسة الخارجية استحوزت على خُمس الأسئلة في جولات الحوار قبل انتخابات 2012. ورغم أن مشكلة الهجرة غير الشرعية استحوذت على 7% من نقاشات الحزب الجمهوري قبيل انتخابات 2012، فقد اتضح من نتائج الانتخابات الرئاسية أن تلك النقاشات أضرت بالمرشح «رومني» وأدت لهزيمته. ولعل مشكلة الخلل القائم في صلب وطبيعة جولات النقاش الجمهوري، والتي تكفلت قناة «فوكس نيوز» التلفزيونية بفضحها على الملأ، الخميس الماضي، لا تتعلق ب«ترامب» الذي قد يتعرض للتهميش داخل الحزب، ولا بعدد جولات النقاش الانتخابية، بل بالجمهوريين أنفسهم. وما لم يتوقف نصف أعضاء الحزب عن استهجان أطروحات وممارسات النصف الآخر، فسيبقى الحوار ممارسة غير محبذة. فرانسيس ولكينسون: محلل متخصص في السياسات العامة والقضايا الوطنية