تُعَدُّ دولة الإمارات العربية المتحدة من الدول السبَّاقة في المنطقة والعالم، تجاه تطوير وتعزيز الأطر التشريعية والتنفيذية ذات الوجه الإنساني والاجتماعي، ويأتي في هذا السياق اهتمامها الكبير بتطوير قانون جديد لحماية حقول الطفل، وهو القانون الذي يمثل ليس خطوة جديدة تقطعها الدولة تجاه استكمال منظومتها التشريعية والقانونية على الوجه الأكمل، وسد الفجوات التي يمكن أن تشوب التشريعات الأخرى فقط، ولاسيما في معالجة قضايا الطفل والناشئة، لكنها تأتي في الوقت ذاته ضمن الجهود الحثيثة التي تبذلها الإمارات تجاه ترسيخ أسس التنشئة السوية والسليمة لأجيال المستقبل أيضاً، بما في ذلك الأطفال والشباب، وبما يحمله ذلك من معنى ودلالة كبيرة على حرص الدولة، قيادة وحكومة، على الاستثمار في الإنسان والاستعداد للمستقبل، وتهيئة الحياة الكريمة والبيئة الصالحة التي من شأنها بناء المواطن المفيد لنفسه، والقادر على تحمّل المسؤولية في المستقبل، وتخطي تحدياته وعقباته، والمساهمة الفاعلة في بناء مجتمعه ووطنه. وفي استطلاع رأي أجرته صحيفة «الاتحاد»، مؤخراً، أكد عدد من المسؤولين في دولة الإمارات العربية المتحدة، أن «مشروع قانون حقوق الطفل» هو محط اهتمام الحكومة الوطنية في الوقت الحالي، بما في ذلك جميع الوزارات والهيئات الاتحادية والمحلية ذات الشأن. وهذا المشروع تأتي صياغته، والجهود المبذولة في إطار إخراجه إلى النور، من منطلق إيمان الدولة بأن بناء المجتمع السليم والمعافى والقوي، ذهنياً واجتماعياً، ينطلق من توفير الرعاية اللازمة والتنشئة الصحيحة للطفل، بما ينطوي عليه ذلك من خدمات رعاية صحية جيدة ومتكاملة منذ الأيام الأولى لولادة الطفل، وعلى مدار تلك المرحلة العمرية المهمة، من أجل بناء جيل جديد صحيح جسدياً. هذا إلى جانب توفير خدمات الرعاية والتنشئة المعرفية والذهنية للطفل، وتعزيز دور المؤسسات الترفيهية والتعليمية والتثقيفية، إلى جانب توعية الأسرة، ومؤسسات المجتمع المختلفة، بالطرق والأساليب السليمة لتنشئة الأطفال، والأجيال كافة أيضاً، التي هي المعين الأساسي لبناء المستقبل المزدهر لهذا الوطن. إن ترسيخ الأسس القانونية والتشريعية اللازمة وتهيئة ظروف المعيشة والتنشئة السليمة لأجيال الطفولة والشباب، هي من أهم أدوات تعزيز الاستقرار المجتمعي في أي دولة، ولاسيما أن هذا الأمر من شأنه أن يخلق حالة من الثقة بين المواطن والمجتمع الذي يعيش فيه، ويجعل من الإنسان عضواً فاعلاً في مجتمعه، متفهماً لأهدافه وحريصاً على المساهمة في تحقيقها، وهذا ما تعيه دولة الإمارات العربية المتحدة بشكل تام، وتسعى إلى تأصيله من خلال ما تتبنّاه من تشريعات وقوانين، ويأتي مشروع قانون حماية حقول الطفل ضمن هذا السياق، ولاسيما أنه إلى جانب دوره التوعوي بحقوق الطفل، وذلك بالنسبة إلى فئات المجتمع ومكوناته كافة، فإنه يضمن في الوقت ذاته سد الفجوات كلها وقطع الطرق أمام جميع من تسوّل له نفسه ارتكاب أي جريمة أو انتهاك لحقوق الأطفال، وذلك فيما يتعلق بالدوائر والأوساط كافة التي يمكن أن يحتك بها الطفل على مدار حياته اليومية، سواء تعلق الأمر بالأسرة أو المؤسسات التعليمية أو المؤسسات الترفيهية أو غير ذلك. التعاون الذي يجري على قدم وساق بين الجهات المعنية في الإمارات، بداية من وزارة الصحة ووزارة التربية والتعليم ووزارة الشؤون الاجتماعية ووزارة الداخلية، والمؤسسات التشريعية، وعلى رأسها «المجلس الوطني الاتحادي»، بالإضافة إلى الجهات المعنية جميعها التي يمكن أن تكون لها صلة بقضايا الطفل، هو من أهم الأدوات التي تتبنّاها الدولة من أجل إخراج مشروع حماية حقوق الطفل إلى النور على أفضل صوره، بما يضمن تعظيم عوائده الاجتماعية والتنمية، ويعزز أسس التنمية والازدهار في الدولة. عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية