في الشهور الاثني عشر الماضية هبطت أسعار النفط بنسبة 50 في المئة، مما دفع حكومة أنجولا إلى خفض ميزانيتها بنحو الربع، وتقليص الدعم وتجميد توظيف العمالة. وأعلنت شركة إنتاج النفط المملوكة للدولة من جانبها خفضاً في التكلفة بمقدار مليار دولار بحلول نهاية عام 2015. وهذا حدث بعد أن حصلت أنجولا، وهي ثاني أكبر منتج للنفط الخام في أفريقيا بعد نيجيريا، على 70 في المئة من عائدات الضرائب و95 في المئة من دخل الصادرات من خلال اعتمادها على الوقود العام الماضي. ولأن إنفاق الحكومة يشكل أكثر من ثلث الإنتاج الإجمالي المحلي الأنجولي الذي بلغ 129 مليار دولار العام الماضي، فقد عرقلت إجراءات التقشف تقدم ما كان يعد أحد أسرع اقتصادات العالم توسعاً. وتوقع صندوق النقد الدولي أن يحقق اقتصاد أنجولا نمواً بنسبة 3,9 في المئة عام 2016 هبوطاً من 4,5 في المئة العام الجاري بعد أن حقق معدل نمو بلغ متوسطه أكثر من 10 في المئة سنوياً منذ عام 2002 بعد انتهاء حرب أهلية دامت 27 عاماً. والصعوبات التي تسبب فيها تراجع الأسعار في سوق النفط تتجاوز تقليص إنفاق الحكومة. وقد فقدت العملة الأنجولية «الكوانزا» 18 في المئة من قيمتها أمام الدولار الأميركي في سوق التبادل بين البنوك هذا العام، وهي أكبر نسبة تتكبدها عملة بين 24 عملة أفريقية رصدتها «بلومبيرج» بعد «الشلن» الأوغندي والتنزاني و«الكواشا» الزامبية. ورفع البنك المركزي معدل سعر الفائدة ثلاث مرات منذ مارس إلى 10,25 في المئة لاستيعاب الارتفاع في الأسعار. وفي يوم 10 فبراير الماضي، أعلن الرئيس خوسيه إدواردو دوس سانتوس الخفض في الميزانية، وقال إن انخفاض أسعار النفط يكبح قدرة البلاد على جمع عائدات وإدارة الاقتصاد بكفاءة، وإذا لم تحسن التعامل مع الأوضاع فإن هذا قد يؤثر على الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي. وأضاف «يجب على جميع الأنجوليين مواجهة الأمر سوياً». ولم يرد «أميلكار خافيير» المتحدث باسم وزارة المالية الإنجولية للادلاء بتعليق. وخفضت منظمة «فيتش» توقعاتها للتصنيف الائتماني للبلاد من «بي بي- إلى سالب نزولاً من حالة الاستقرار التي منحتها للبلاد في مارس الماضي. وقالت المنظمة المتخصصة في التصنيف الائتماني في رد بالبريد الإلكتروني يوم الأربعاء الماضي إن «الوضع الائتماني لأنجولا ما زال هشاً في ظل تعرض الاحتياط الأجنبي لضغوط وارتفاع الديون وإبطاء النمو بشدة». وذكرت وكالة الإحصاءات الوطنية أن معدل التضخم ارتفع إلى 9,6 في المئة في يونيو ارتفاعاً من 8,9 في المئة قبل شهر، ويتوقع البنك المركزي أن ترتفع النسبة لتصل إلى 10,4 في المئة بحلول نهاية العام. وارتفعت أسعار الوقود بالمثلين تقريباً منذ بدأت الحكومة إلغاء الدعم في العام الماضي. وفي أحد شوارع العاصمة لواندا اشتكى سائق سيارة أجرة يدعى «أنطونيو دامياو»، ويبلغ من العمر 37 عاماً، من أن ارتفاع الأسعار جعله يعيش حالة عسر اقتصادي بسبب ارتفاع أسعار جميع السلع. واحتلت أنجولا المرتبة 149 بين 187 دولة في مؤشر التنمية البشرية لبرنامج الأمم المتحدة للتنمية عام 2014، لأن نحو نصف سكان هذا البلد الأفريقي البالغ عددهم 24 مليوناً يعيشون على أقل من دولارين في اليوم. ونحو ربع قوة العمل في أنجولا بلا وظائف، وانخفاض أسعار النفط يضيف المزيد من العاطلين عن العمل إلى صفوفهم. وفي الأول من يوليو، أعلن البنك الدولي أنه وافق على تقديم قرض تبلغ قيمته 450 مليون دولار وضمانات بقيمة 200 مليون دولار لمساعدة أنجولا في دعم اقتصادها. وذكرت الهيئة المالية الدولية التي تتخذ من واشنطن مقراً أن هذه المساعدة، وهي الأولى من نوعها منذ عام 2010، ستدعم الحكومة في جهودها الرامية لتطبيق إصلاحات لتعزيز العائدات. وتعزيز أنظمتها لإدارة الاستثمار وتقليص الدعم للوقود. ويرى «خوسيه سيفيرينو» رئيس اتحاد الصناعة في أنجولا أنه يتعين تقليص قيمة «الكوانزا» بنسبة تتراوح بين 10 و20 في المئة لتعزيز تنافسية البلاد وحماية المشروعات الاقتصادية صغيرة ومتوسطة الحجم. وأضاف في رسالة بالبريد الإلكتروني أنه يتعين بذل جهود للإسراع بعملية تنويع مختلف القطاعات الاقتصادية للبلاد بعيداً عن النفط مع تشجيع تنمية صناعة الغاز الطبيعي. مانويل سوك ومايك كوهين- لواندا ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»