في عددها الصادر بتاريخ 12 إبريل 2008، أثارت مجلة «روزاليوسف» علامات استفهام عديدة حول ما أسمته «التنظيم الشيوعي السري الجديد» في مصر، من الإسكندرية إلى أسوان، وأرادت بذلك أن تسترعي الانتباه إلى بداية ظهور حركة خطيرة تحارب الدين بعد سقوط الإلحاد الرسمي الذي كان يقوده الاتحاد السوفييتي، إذ يستهدف التنظيم المذكور إعادة الإلحاد مجدداً إلى المنطقة العربية، كما قالت المجلة. ثم كان العنوان الذي اختارته مجلة «الأهرام»، الصادرة بتاريخ 11 مايو 2013 على صدر صفحتها الأولى، لتقريرها المفصل «الإلحاد يضرب مصر»، وأشارت فيه إلى أن عدد الملحدين في مصر بلغ 2 مليون شخص، محذرةً من خطورة نمو هذه الظاهرة في المجتمع المصري. ولعل ما يلفت النظر أكثر من ذلك هو ما حدث في عام 2014 عندما أوردت مجلة «روز اليوسف» الصادرة في 29 نوفمبر الماضي العنوان التالي على غلافها: «ملحدون في الأزهر»، لتبين بذلك أن الحالة الإلحادية قد وصلت إلى أعرق مؤسسة دينية في العالم العربي، ألا وهي الأزهر الشريف! وذكرت المجلة في حيثياتها عن الموضوع أن شباباً في العشرينيات من أعمارهم، يدرسون في مختلف الكليات بجامعة الأزهر الشريف، وقد درسوا القرآن الكريم والعقيدة والسنة والحديث والفقه والتفسير.. ومنهم من كان إمام مسجد أو خطيباً لعدة سنوات بعد حفظه القرآن الكريم واستخراجه تصريح الخطابة من وزارة الأوقات، وطالبات كن يلتزمن بالحجاب ويسرن على التعاليم الإسلامية.. لكن المطاف انتهى ببعض أولئك إلى السقوط في فخ الإلحاد! وحددت المجلة أكثر الكليات التي ينتشر فيها الملحدون، قائلة إنها: الطب، واللغة العربية، والتجارة، واللغات والترجمة. ولم تسلم كليتا الشريعة والدراسات الإسلامية من آفة الإلحاد. هذا التوسع لظاهرة الإلحاد سنجد أيضاً ما يؤكده في التقرير الذي نشرته صحيفة «النبأ» الصادرة بتاريخ 25 يوليو 2015، وقد جاء تحت عنوان «الإلحاد يغزو بلاد الأزهر»، وأشارت فيه إلى خطورة هذه الظاهرة وضرورة تدارك استفحالها في المجتمع المصري قبل فوات الأوان، لأن الملاحدة- حسب الصحيفة- لا يقلون خطراً على الوطن وعلى الأمن القومي المصري عن المتطرفين الأصوليين والإرهابيين، ولأن غياب الدين يهدد بزوال الأمم، بينما يؤدي الإرهاب إلى تدميرها، وبالتالي فهما وجهان لعملة واحدة. إن أخطر معول يحاول اليوم أن يضرب الأمة الإسلامية من الداخل ليفتك بعقول أبنائها هو معول الإلحاد، والذي يحاول بكل الطرق أن يغرس أنيابه في العقول والنفوس، خاصة بعد أن تهيأت له الفرصة ووجد الأصابع الخفية التي تدعم وتسهل تغلغله في المنطقة وتقف وراءه. وقد لخص ذلك الوضع شيخ الأزهر الشريف، الدكتور أحمد الطيب، في كلمة له عندما قال: «إن الإلحاد كان بلا أنياب في بداية القرن الحادي والعشرين، ثم أصبح الغربيون بعد انتشار الإسلاموفوبيا مذعورين من الدين لأنهم ظنوا أنه كما يعبر عنه الإرهابيون على اختلاف مللهم ونحلهم، ومن ذعرهم هذا تبنوا الإلحاد وجعلوا منه دعوة ممنهجة لها منظمات ومؤسسات تقوم عليها وتشجع على مهاجمة الدين وتتعقب المتدينين على نحو ما كان يقوم به الماركسيون».