عندما تتصدّر أي دولة قائمة الدول الأكثر جذباً للكفاءات المهنية في العالم فهذا ينطوي على العديد من الدلالات الإيجابية بالنسبة إلى الأداء الاقتصادي والتنموي لهذه الدولة، وهو ما يصدق على دولة الإمارات العربية المتحدة التي تصدّرت قائمة الدول الأكثر جذباً للكفاءات المهنية في العالم لعام 2014، وذلك للعام الثاني على التوالي، وفق التصنيف الأخير الصادر عن شركة «لينكد إن»، أكبر شبكة تواصل اجتماعي متخصصة في مجال التواصل المهني في العالم. يتألف المعيار الذي اعتمدت عليه شركة «لينكد إن» في تصنيفها، من مجموعة من المؤشرات الفرعية، أهمها «مؤشر اتجاهات الهجرة الجغرافية للكفاءات المهنية حول العالم»؛ الذي يوضح إلى أي مدى يُعَدُّ اقتصاد الدولة محل التصنيف قادراً على استقطاب الأيدي العاملة الماهرة من الخارج، عبر توفيره فرص العمل الجاذبة بالنسبة لتلك العمالة، سواء تعلق الأمر بالمعايير الكمية «عدد الوظائف الجديدة»، أو تعلق بالمعايير الكيفية «الخصائص المهنية والمميزات المعنوية للوظائف المتاحة، ومدى تناسبها مع المعايير العالمية». وقد ضم التصنيف، الذي أصدرته شركة «لينكد إن» في تقريرها، الدول العشرين الأكثر قدرة على اجتذاب المهارات حول العالم، ويأتي احتلال دولة الإمارات العربية المتحدة المرتبة الأولى بين هذه الدول، ليؤكد أنها الدولة الأعلى قدرة على توفير الشروط والمتطلبات الكفيلة باجتذاب أنظار العمالة والكفاءات المتطلعة إلى الحصول على فرص عمل واعدة في العالم، هذا بالإضافة إلى قدرتها على توفير ظروف معيشية كريمة ومستقرة. يحمل تفوق دولة الإمارات العربية المتحدة، وفق هذا التصنيف، دلالة مهمة بالنسبة إلى أدائها الاقتصادي والتنموي، لاسيما أنه يأتي في وقت يموج فيه العالم بالعديد من مظاهر الضعف وعدم الاستقرار الاقتصادي، ففي الوقت الذي يستطيع فيه الاقتصاد الإماراتي توليد فرص عمل جديدة بمعدلات كبيرة، تظل معدلات البطالة مرتفعة في العديد من الدول المتقدمة في العالم، ففي منطقة اليورو على سبيل المثال تدور هذه المعدلات حول أعلى مستوياتها في الوقت الحالي، حيث تزيد على 10%، كما تظل معدلات البطالة مرتفعة في العديد من الاقتصادات المتقدمة والصاعدة حول العالم أيضاً. وما يبرز الصورة بوضوح هو أن قائمة الدول الأكثر تصديراً للعمالة الماهرة إلى دولة الإمارات العربية المتحدة في الوقت الحالي تضم كلاً من المملكة المتحدة، والولايات المتحدة الأميركية، وذلك وفق تصنيف شركة «لينكد إن»، ما يعني أن الاقتصاد الإماراتي يمر الآن بمرحلة من الازدهار والتوسع في أحجام الأنشطة الاستثمارية والمشروعات الجديدة، ما يتطلب المزيد من الأيدي العاملة في التخصصات كافة، بما في ذلك التخصصات النوعية والكوادر ذات الخبرات الفنية الدقيقة، وبمعدلات ونسب تفوق تلك التي تتوافر في تلك الاقتصادات المتقدمة، وعلى وجه الخصوص تلك الاقتصادات التي تصدّر الأيدي العاملة إلى الإمارات. هذا الأمر يعني أن الاقتصاد الإماراتي يمر الآن بمرحلة استثنائية من الازدهار والنمو، وذلك وفق جميع المعايير، سواء التاريخية المتعلقة بأداء هذا الاقتصاد خلال السنوات والعقود الماضية، أو وفق المعايير الجغرافية المتعلقة بمقارنة أداء الاقتصاد الوطني باقتصادات دول المنطقة والعالم. بمعنى آخر، فإن هذا الأمر يدل على أن الاقتصاد الإماراتي يمثل حالياً ما يمكن وصفه بـ«واحة الاستقرار والازدهار»، ليس على المستوى الإقليمي فقط، ولكن على المستوى العالمي أيضاً. عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية