إذا كان بإمكان الولايات المتحدة توقع الأحداث والتصرف بسرعة وبقوة أكثر من أي وقت مضى، فإن هذا هو الوقت المناسب للقيام بذلك في تونس، فهي الدولة التي ولد فيها ما سمي «الربيع العربي». وعلى النقيض من النتائج المخيبة للآمال، والكارثية في بعض الأحيان، لهذه اللحظة في تاريخ دول أخرى، فقد أحرزت تونس تقدماً ولا زال بالإمكان اعتباره بمثابة نجاح، فقد صاغت دستوراً عصرياً، وشهدت ازدهار مجتمع مدني نابض بالحياة، وانتخبت حكومة عاملة وخلقت سياسة تنافسية. إنها دولة مسلمة بنسبة 99% التزمت بمجتمع علماني يحترم جميع العقائد، وهي أيضاً من وجهة نظري الدولة العربية الأكثر التزاماً بمساواة المرأة. إن العالم العربي وأفريقيا يراقبان تونس. ونحن بحاجة إلى التطلع إليها كمثال للنجاح حيث يعمل الرجال والنساء جنباً إلى جنب في مجتمع ديمقراطي وفي اقتصاد خاص ومفتوح وشامل يمكن أن يخلق في المنطقة. وفي الوقت نفسه تواجه تونس مشكلات هائلة، فمجتمعها المدني يتعافى من سنوات من حكومة استبدادية، وانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان واقتصاد كارثي. ولا تزال الدولة إلى حد كبير متورطة في القطاع الخاص، كما أن عملياتها التنظيمية معقدة بصورة تفوق الخيال، وتعوق الاستثمار المحلي والأجنبي. ونتيجة لذلك، تجتهد تونس من أجل الهروب من فخ النمو المنخفض والاستثمار المتراجع الذي يمنعها من تلبية التطلعات المشروعة لشعبها، وخاصة الشباب. ونعتقد أن تونس بإمكانها حل هذه المشكلات، بيد أنها تعيش في جوار صعب، مع حدودها الطويلة المتاخمة لليبيا، كما أنها تواجه هجمة إرهابية، فقد وقع هجومان كبيران خلال الأشهر الثلاثة المنصرمة، ما أودى بحياة أكثر من 50 شخصاً. ويُعتقد أن الهدف الواضح من هذه الهجمات هو تدمير الاقتصاد وتقويض الروح المعنوية للتونسيين، ووفقاً للتقديرات الحالية فإن تونس ستفقد أكثر من مليوني «يوم سياحي» هذا العام نتيجة لذلك. وكي نكون صرحاء، فإننا لا نعتقد أن تونس بإمكانها حل مشاكلها الاقتصادية والأمنية في وقت واحد دون مساعدة الولايات المتحدة كشريك ملتزم من خلال على العناصر التالية: - الالتزام: على الرئيس أوباما الاتصال بالرئيس الباجي قائد السبسي في أقرب وقت ممكن للإعراب عن التزام الولايات المتحدة الواضح بالشراكة الاستراتيجية على المدى الطويل. وينبغي على نائب الرئيس «جو بايدن» وكبار أعضاء الحكومة، ومن بينهم وزراء الخارجية والدفاع والأمن الوطني والخزينة، علاوة على كبار المشرعين القيام بزيارات مبكرة لتونس، ويجب أن يوضح كل منهم أننا نتطلع إلى تونس لمواصلة طريق الديمقراطية والتسامح والمساواة. - الأمن: ينبغي على أوباما أن ينقل للتونسيين أن الولايات المتحدة تساندهم في مواجهة التحدي الإرهابي. ومن الناحية العملية، فإن هذا يعني ثلاث خطوات مهمة: أننا سنتبادل المعلومات الاستخباراتية المتاحة فيما يتعلق بالأنشطة الإرهابية في الدول المجاورة لتونس، وأننا سنساعدها لتطوير قدرات أكثر فاعلية لمكافحة الإرهاب، كما أننا سنوفر الدعم المادي في قطاع الأمن ومواجهة الإرهاب. - الاقتصاد: ينبغي أن يوضح أوباما أن الولايات المتحدة ستساعد تونس على مجابهة تحدياتها الاقتصادية، من خلال: - ينبغي أن تبدأ الولايات المتحدة على الفور مباحثات رسمية من أجل التوصل لاتفاق التجارة الحرة بينها وبين تونس. وستكون لهذا نتائج حقيقية على الاقتصاد التونسي، ومساعدة تونس على اتخاذ قرارات اقتصادية صعبة عليها اتخاذها، وسيكون لها تأثير جانبي على الولايات المتحدة. - ينبغي تصميم عملية لزيادة الاستثمار الأجنبي والمحلي، وهذه هي الوسيلة الوحيدة لتطوير الاقتصاد التونسي، ويتعين أن يتضمن هذا زيادة صندوق المشروعات التونسية– الأميركية. - مع أصدقائنا في الاتحاد الأوروبي، يتعين على الولايات المتحدة عقد مؤتمرات رسمية للاستثمار والتبرعات بهدف إعطاء اهتمام مستمر وعلى مستوى عالٍ للمتطلبات الاجتماعية والاقتصادية لتونس، كما يجب ربط هذه المبادرات بسياسات تساعد على خلق اقتصاد سوق حر وتنافسي. فرانك ويزنر وبومان كاتر: خبيران أميركيان في الشؤون الدولية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»