قد يكون من الصعب التكهن بالأوضاع الاقتصادية، وفي أوقات أخرى يتحرك الاقتصاد كما هو متوقع تماماً، وها نحن نعيش أحد هذه الأوقات، ويبقى السؤال حول ما إذا كان تحسن تقرير الوظائف الأميركية كافيا لكي يبدأ مجلس الاحتياطي الفيدرالي رفع أسعار الفائدة في سبتمبر المقبل؟ ربما يكون تقرير الوظائف في يوليو الماضي مملاً، لكن ذلك ليس سيئاً طالماً أنه يعني إضافة نحو مئتي ألف وظيفة، وكانت الوظائف المضافة على وجه الدقة 215 ألفاً، وهو ما يقل قليلاً عن 225 ألف وظيفة المتوقعة، أضف إلى ذلك، ثبات معدلات البطالة دون تغيير عند 5.3%، مع زيادة القوة العاملة 69 ألفاً. وهذا وإن كان نفس معدل نمو الوظائف البطيء الذي اعتدنا عليه خلال السنوات الست الماضية، فإنه أفضل قليلاً مما يبدو. وذلك لأنه بحسب البنك المركزي لولاية شيكاغو، يحتاج الاقتصاد لإضافة 80 ألف وظيفة شهرياً للحفاظ على عدم صعود معدلات البطالة حالياً. الواقع أن الاقتصاد لا يزال مهتزاً، لاسيما أن إضافة متوسط 213 ألف وظيفة شهرياً خلال السنوات الست الماضية، باستثناء القفزة التي تحققت العام الماضي، تتماشى مع معدلات التعافي الاقتصادي حتى على رغم تراجع معدلات البطالة إلى 5.3%. وهذان الرقمان لا يتفقان عادة مع بقاء معدلات الفائدة عند 0%. غير أنه على الجانب الآخر لا تزال معدلات تضخم الأجور منخفضة، فخلال العام الماضي تراجع مؤشر تكلفة التوظيف من 2.6 إلى 2%، وفي الاقتصاد الطبيعي، يكون المؤشر في نطاق من 3.5 إلى 4%. لكن الأمر لا يتعلق بتضخم الأجور فقط، وإنما أيضاً بالتضخم الفعلي، فالأسعار ارتفعت 0.3% فقط خلال العام الماضي. ولا يبدو أن الاقتصاد يواجه خطر إفراط النمو قريباً، لذلك لم يستبعد «المركزي الأميركي» رفع أسعار الفائدة.. فلماذا كل هذا الاندفاع لإنهاء بقاء أسعار الفائدة قريبة من الصفر. مات أوبرين: محلل اقتصادي أميركي يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفيس»