بعد سبعة أعوام تقريباً، ها نحن نشهد أخيراً بداية نهاية فترة أسعار الفائدة بالغة الانخفاض. قد يتساءل البعض: ما هذا الذي تقوله؟ وهل يعني هذا أن مجلس «الاحتياطي الفيدرالي» سيعمل على رفع أسعار الفائدة؟ علينا هنا أن نتذكر ما بات معروفاً في الأدبيات الاقتصادية والمالية بـ«نوبة غضب» عام 2013، والتي يقصد بها ما حدث عندما باع بعض المتداولين ما يمتلكونه من سندات خزينة بسعر أقل كثيراً من سعرها الحقيقي، تعبيراً عن غضبهم من الاحتياطي الفيدرالي لتجرئه على التلميح بأن أسعار الفائدة لا يمكن بقاؤها عند مستوى الصفر للأبد. واليوم، يصعب أن نجد أحداً لا يفهم أن هناك زيادة قادمة لأسعار الفائدة، وأن احتمال حدوث ذلك في وقت أقرب (عام 2015) أكبر من احتمال حدوثه في وقت لاحق (2016). ومع ذلك لا يزال هناك جيل كامل من المتداولين الذين لم يروا رفعاً لأسعار الفائدة، فقد كان آخر رفع لأسعار الفائدة ذلك الذي تم في 29 يونيو 2006 عندما رفع الاحتياطي الفيدرالي الأسعار بـ25 نقطة أساس أو 0.25?. أسعار الاقتراض الأعلى ليست سوى ثمن قليل يمكن دفعه لإخراس هؤلاء البلهاء الذين يشعرون بأنهم مضطرون للانخراط في لعبة معنوية تتمثل في تحليل وتفكيك كل كلمة من كل خطاب أو جلسة أسئلة أو إجابات لمسؤول كبير في الاحتياطي الفيدرالي. الصورة الكبيرة هي باختصار: الاحتياطي الفيدرالي لديه تفويض مزدوج لإبقاء التضخم تحت السيطرة، وزيادة مستوى تشغيل العمالة، وعندما يقول أحد من الاحتياطي عن أي قرار متعلق بأسعار الفائدة إنه مبني على معلومات، فهذا تحديداً ما يجب التحدث عنه. إذا ما أردنا أن نكسو هذه العظام بعض اللحم، دعونا ننظر في بعض النقاط المهمة عن البيئة الاقتصادية والمالية الحالية في الولايات المتحدة: - سوق العمل في الولايات المتحدة: في حالة صحية ممتازة لم يسبق أن تمتع بمثلها منذ سنوات عديدة. ويكفي أن نعرف أن معدل البطالة قد انخفض من 10? عام 2009 إلى 5.3? حالياً. - التضخم: نسبته متواضعة وتقل عن 2? المحددة كهدف من قبل الاحتياطي الفيدرالي. - الدولار: هو العملة الأقوى حالياً مقابل سلة من العملات الرئيسية، وذلك للمرة الأولى منذ 12 عاماً. - الأسهم والسندات: المؤشرات الرئيسية في حدود 5? محققة صعوداً قياسياً. - الاقتصاد: في أفضل حالاته خلال الخمس سنوات الأخيرة حيث نما بدرجة أقل من النموذجية، ولكن أسرع بكثير مما كان متوقعاً. - النظام المالي: بات مستقراً بفضل القواعد الجديدة الخاصة بتقليص أنماط السلوك السيء. - الأسعار: هبطت أسعار السلع الصناعية الرئيسية، بما فيها النحاس والبترول والحديد.. مما يؤشر على طلب متناقص. - ملكية المنازل: في أدنى مستوى لها منذ نصف قرن. - الاقتصاد الصيني: نموه يتباطأ وفقاعة سوقه العقاري بدأت في الانفجار. - أوروبا: منطقة اليورو تجد نفسها الآن في مأزق لا تبدو هناك نهاية قريبة له. والخلاصة أنه بموازنة كل هذه الأمور مع بعضها، فإن البيانات تبقى أقوى من أي شيء يمكن تخيله في خضم أزمة مالية في هذه النقطة من الزمن. يمكنكم تحليل كل كلمة ينطق بها محافظو الاحتياطي الفيدرالي ويمكنكم النظر للبيانات.. وأنا شخصياً أفضل النظر للبيانات وهي تقول لي إن تطبيع أسعار الفائدة سوف يبدأ على الأرجح قبل حلول الكريسماس. باري ريتهولتز: استشاري وكاتب عمود في «بلومبيرج فيو» ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»