يعيش على ظهر كوكب الأرض أكثر من مليار شخص حالياً، ليس لديهم ما يكفي للحصول على الغذاء، وهو عدد أكبر من أي وقت مضى في تاريخ البشرية. ورغم أن «الثورة الخضراء» التي اندلعت في ستينيات القرن الماضي ضاعفت محاصيل الأرز والقمح والذرة، لكنها أيضاً سممت جداول المياه بمبيدات خطيرة، وأدت إلى تآكل التربة، وأوجدت «مناطق بائرة» بفعل الأسمدة في المياه الشاطئية الأميركية، وأسهمت في زيادة معدلات السرطان. وفي كتابه الجديد «نهاية الوفرة.. السباق إلى إطعام العالم المزدحم»، يؤكد الصحافي «جويل بورن» أنه رغم ذلك، يسجل الطلب على هذه المحاصيل صعوداً صاروخياً، في ظل نمو تعداد سكان العالم، وتغير الأنظمة الغذائية للطبقات المتوسطة المتزايدة في كل من الصين والهند، إلى جانب اعتماد الوقود الحيوي على الذُّرة. وأشار إلى أن دول العالم باتت تستهلك حبوباً غذائية أكثر مما تزرع خلال الأعوام السبع الماضية، بينما سجلت مخزونات الحبوب أدنى مستوياتها في عقود، موضحاً أن الخبراء يتحدثون الآن عن ضرورة مضاعفة إنتاج الغذاء بحلول عام 2030 للحيلولة دون حدوث أزمة غذاء عالمية. ويحاول الكتاب استكشاف الطريق المحتمل الممكن لحل هذه الأزمة المرتقبة، قائلاً: «إن التاريخ يؤكد أن البذور المحسنة مع مزيد من الأسمدة والمبيدات الحشرية والري الملائم مكنت المزارعين من إنتاج حصاد أكبر من كل فدان». وحصد المزارعون غذاءً وفيراً أثناء حقبة الستينيات، لدرجة أنهم ساعدوا في تخفيف الفقر العالمي بجعل الغذاء أرخص في معظم مناطق العالم. وبدا التغيير كبيراً لدرجة وصفه بـ«الثورة الخضراء». وكان أول من صاغ مصطلح «الثورة الخضراء» هو «ويليام جاود»، مدير «الوكالة الأميركية للتنمية الدولية» في عام 1968، وكان واضحاً بشأن نيته السياسية عندما قاله: «إنها ليست ثورة دموية عنيفة كتلك التي قام بها السوفييت، وليست ثورة بيضاء كتلك التي قام بها شاه إيران، وإنما أصفها بأنها ثورة خضراء». ويشير الكتاب إلى أن «جاود» أدرك أيضاً أنه في الحرب على الشيوعية، كانت التكنولوجيا الزراعية ضرورية، لكنها ليست كافية. ففي شهادة أمام الكونجرس، أقر «جاود» بأن جميع المزارعين يحتاجون إلى قروض لشراء بذور محسنة، ولابد من تعليمهم كيف يستخدمونها بصورة ملائمة، وتمكينهم من الحصول على أسعار كافية لمحاصيلهم، إضافة إلى القدرة على تسويقها. ولوقف الاحتجاجات الجماعية، تعين على الحكومات، بحسب الكتاب، دعم أسعار الغذاء في المدن، لكن من غير الواضح كيف يمكن أن يساعد رخص الغذاء اقتصادات دول تعتمد بصورة أساسية على الزراعة. ويؤرخ «بورن» بشفقة واهتمام، للتكلفة البيئية القاسية الناجمة عن تبني الثورة الخضراء في الهند، خصوصاً أنها البلد الذي يضم أكبر عدد من الأشخاص الذين يعانون من سوء التغذية على وجه الأرض. وكان السعي لتوفير غذاء رخيص أحد الأسباب التي جعلت 77? من سكان الهند يعيشون على أقل من 45 سنتاً في اليوم، بينما يعيش أصحاب المليارات في مومباي بتكلفة أعلى من منهاتن. وبعد التناول التاريخي لنظام الغذاء الراهن، يُسلط الجزء الثاني من الكتاب الضوء على ما يمكن فعله لاستعادة وفرة الغذاء. ويعتبر هذا الجزء جولة مطولة تتناول الأراضي الزراعية والبذور والمياه والزراعة العضوية. ويبدو «بورن» مقنعاً عندما يستخدم درايته بالاقتصاد الزراعي في تقديم رؤى مدهشة بشأن مستقبل الغذاء. وائل بدران الكتاب: نهاية الوفرة المؤلف: جويل بورن الناشر: نورتون تاريخ النشر: 2015