يعتبر ضمان استخدام التقنية النووية المصدّرة لأغراض سلمية أحد الأهداف الرئيسية للولايات المتحدة الأميركية، لكن في السنوات الأخيرة طالب بعض المراقبين والمشرعين الأميركيين بتبني شروط جديدة للتعاون النووي المدني، بما في ذلك إلزام الأطراف المستقبلة للتقنية النووية المدنية الأميركية بالتخلي عن تقنيات التخصيب وإعادة معالجة الوقود النووي، والبدء بتطبيق بروتوكول إضافي يضاف إلى اتفاقيات السلامة التي تفرضها الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وفي الكتاب الذي نعرضه هنا، «التعاون في مجال الطاقة النووية بين الولايات المتحدة الأميركية ودول أجنبية»، يناقش بول كيه كير ومارك هولت وماري نيكيتين، وهم ثلاثة باحثين أميركيين متخصصين في مجال الطاقة وحظر الانتشار النووي، الأفكار الرئيسية المتعلقة بالتعاون النووي بين الولايات المتحدة ودول أخرى. ويوضح الكتاب أن الولايات المتحدة تبرم اتفاقيات التعاون النووي لأسباب عدة، منها: دعم الصناعة النووية الأميركية، وتحسين العلاقات الثنائية والاستراتيجية، وتعزيز حظر الانتشار النووي، مشيراً إلى أهمية العملاء والموردين الأجانب في تطوير هذه الصناعة وجعلها مجدية، لاسيما أن عدم تحمل الولايات المتحدة لمسؤولية الحماية في الصناعة النووية سيضع هذه الصناعة في قبضة المنافسين الأجانب الذين يتمتعون بإجراءات حماية أقوى. ويحاول مؤلفو الكتاب تهدئة المخاوف من إمكانية حصول دول إضافية على تقنيات التخصيب وإعادة المعالجة، بالقول إنه لا توجد خطط لدى الولايات المتحدة أو غيرها من الدول النووية، لنقل هذه التقنيات لأي دولة أخرى. ثم إن التجارة النووية المدنية، وخاصة نقل المفاعلات، لا تشكل تهديداً وشيكاً لحظر الانتشار النووي؛ فجميع دول العالم (باستثناء الهند وإسرائيل وباكستان) هي أطراف موقعة على معاهدة حظر الانتشار النووي. وعلاوة على ذلك فإن المجتمع الدولي يمتلك آليات متعددة لثني الدول عن تطوير منشآت محلية للتخصيب أو إعادة معالجة الوقود النووي. ويشير مؤلفو الكتاب إلى المطالبات المتكررة للولايات المتحدة باستخدام نفوذها لإقناع الدول الأخرى بتبني قيود إضافية على نقل المواد النووية، لكنهم يعتقدون أن التراجع النسبي للولايات المتحدة في مجال الصناعة النووية، يفسر العزوف عن محاولة فرض هذه القيود الإضافية، لاسيما أن نفوذ الولايات المتحدة في هذا المجال قد أصبح محدوداً، إذ تراجعت حصتها في سوق الصناعة النووية خلال السنوات الأخيرة. وأخيراً فإنه رغم الآليات والأدوات المستخدمة في معاهدة حظر الانتشار النووي، وقواعد السلامة الصادرة عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية، والقيود المذكورة في القانون الأميركي بشأن تنظيم التعاون النووي مع الدول الأخرى.. فإن الكونجرس الأميركي، وفقاً لما يوضحه الكتاب، يشعر بقلق متزايد (مع تنامي الاهتمام الدولي بالكهرباء النووية)، ويرى ضرورة تغيير القوانين والسياسات الأميركية في هذا المجال بغية منع المزيد من حالات الانتشار النووي. محمد ولد المنى الكتاب: التعاون في مجال الطاقة النووية بين الولايات المتحدة الأميركية ودول أجنبية المؤلفون: جماعة الناشر: مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية تاريخ النشر: 2015