حرصت دولة الإمارات العربية المتحدة منذ قيامها على اتخاذ سبيل العلم والمعرفة سبيلاً واضحاً لها في نواحي الحياة كافة، إيماناً من قيادتها الرشيدة بأن الاستثمار في الكوادر البشرية المواطنة وتزويدها بالعلم والمعرفة والثقافة وتأهيلها للابتكار والإبداع، هو خير وسيلة لتقدم هذا الوطن، بما يؤهله إلى أن يأخذ مكانته رفيعة المستوى بين الأمم الراقية والمتقدمة. وقد كان للأب المؤسس، المغفور له، بإذن الله تعالى، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، العديد من المقولات المأثورة التي تلخص فلسفة الدولة ورؤيتها تجاه التعليم باعتباره الطريق لبناء المستقبل، ومنها «إن تعليم الناس وتثقيفهم في حدّ ذاته ثروة كبيرة نعتز بها، فالعلم ثروة ونحن نبني المستقبل على أساس علمي». في هذا الإطار يأتي دور «مكتب البعثات الدراسية»، التابع لوزارة شؤون الرئاسة، الذي تمّ تأسيسه في عام 1999، ويضطلع بدور حيوي في تأهيل الكوادر المواطنة من خلال إيفادهم إلى أرقى الجامعات العالمية للحصول على المؤهلات الأكاديمية المرموقة، كأحد إسهاماته في تنمية الكوادر البشرية المواطنة وتأهيلها للمستقبل. وقد أعلن المكتب، مؤخراً، ورشة تأهيلية للطلاب المبتعثين للالتحاق بمجموعة من أرقى الجامعات العالمية خلال الفترة المقبلة، من بينها 20 جامعة في الولايات المتحدة الأميركية، للحصول على درجات علمية في مجالات الهندسة ونظم المعلومات والتخصصات التقنية. وتكمن أهمية تنظيم مثل هذه الفعاليات في أنها تساعد على توعية الطلاب وأولياء أمورهم بدور مكاتب الابتعاث، وقواعد الابتعاث، وكيفية الاتصال والتنسيق بين المبتعثين ومكاتب الابتعاث طوال فترة وجودهم في الخارج، وتعريف الطلاب بواجباتهم وحقوقهم، والتأكيد أن دور مكاتب الابتعاث يتمحور في توفير أوجه الرعاية والاهتمام كافة لهم طوال مدة الدراسة، باعتبارهم سفراء لوطنهم في الخارج، يحملون رسالة وطنية قوامها العلم والفكر والثقافة إلى المجتمعات الأخرى. إن تنظيم البعثات العلمية إلى الخارج، وإيفاد الطلاب إلى الجامعات المرموقة للتزود بالعلم والمعرفة، ومن ثم العودة إلى الوطن، هي خطوات حثيثة تقطعها الدولة، قيادة وحكومة، تجاه تحقيق رؤية الإمارات 2021، التي تسعى لوضع اسم الإمارات بين أفضل دول العالم، من خلال التركيز على تطوير القطاعات الحيوية والأكثر أهمية في نهضة المجتمع وتقدمه، وعلى رأسها التعليم الذي يوفر كوادر بشرية مواطنة قادرة على تحمّل مسؤوليات العمل ومشاقه، في مجالات الاقتصاد والعلم والمعرفة والتكنولوجيا والابتكار والصحة والأمن وغيرها، فضلاً عن مجالات التعليم نفسه، مع المحافظة في الوقت ذاته على هوية المجتمع وتراثه. وبفضل تلك الجهود، فإن المتابع لمسيرة التطور في دولة الإمارات العربية المتحدة، يرى أن الدولة استطاعت تحقيق نجاحات عديدة ورائدة في مجالات وقطاعات اقتصادية وتنموية متنوعة، تأتي على رأسها قطاعات الطاقة المتجددة، والطاقة النووية، والصناعة الدقيقة، والسياحة، والخدمات المالية والمصرفية، والبنى التحتية، والبناء والتشييد، والاتصالات، وتكنولوجيا المعلومات، وغيرها من القطاعات التي شهدت تطوراً نوعياً، وذلك بفضل الرعاية الكبيرة التي وفرتها الدولة لها، وبفضل ما استطاعت أن توفره من قنوات تعليمية وتدريبية للكوادر البشرية المواطنة، حتى أصبحت هذه الكوادر قادرة على تحمّل مسؤولية القيادة للتطوير والبناء، سواء على المستوى الكلي أو المستوى القطاعي. وكما كان لابتعاث الطلاب إلى المؤسسات التعليمية والجامعية المميزة في الخارج، دور مهم في تحقيق هذه الإنجازات في الماضي، فإنه سيظل أحد محاور تطوير الكوادر البشرية المواطنة لتحمّل مسؤولية استكمال المسيرة في المستقبل أيضاً. عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية