وبات الكنيست (البرلمان الإسرائيلي)، وبامتياز، مرتعاً لقوانين ومشاريع قوانين تمأسس العنصرية والفاشية الإسرائيلية، وأصبح يكشف الوجه الحقيقي لما أدّعي بأنه «ديمقراطية إسرائيلية» كونها ديمقراطية لليهود، عنصرية ضد العرب. ومن «حق» الكنيست الحالي، وهو البرلمان الـ20 للدولة الصهيونية، التباهي بكونه الأكثر عنصرية في التاريخ الإسرائيلي! فبدل أن تعمل «السلطة التشريعية»، كما في الدول الديمقراطية، وحتى تلك التي تدعي الديمقراطية كإسرائيل، على سن قوانين تكفل النظام والعدل والمساواة، نرى الكنيست الحالي وكأنه جاء من أجل «قوننة العنصرية». وفي دراسة أجرتها مؤخراً جمعية «حقوق المواطن في إسرائيل»، استناداً إلى القوانين التي أقرت منذ الكنيست الـ18 في 2009 (عام عودة بنيامين نتنياهو إلى الحكم) يتبين أن «إسرائيل تشهد تراجعاً ملموساً في الحيز الديمقراطي الذي كان متوفراً أصلاً للمواطنين اليهود بشكل كبير وواسع وللمواطنين العرب بشكل قليل». ويتبين من مشاريع القوانين التي طرحت وستطرح على جدول أعمال «الكنيست»، تغول العنصرية في الطرح اليميني الحاكم، على رأسها مشروع «قانون أساس دولة إسرائيل»، الذي قدمه عضو الكنيست الليكودي «بيني بيجن»، والذي ينص على عدم وجود حق لأي شعب باستثناء «الشعب اليهودي» في تقرير المصير، وأن «مكانة الشريعة الدينية اليهودية فوق القانون المدني ويخضع لها». ومن المشاريع أيضاً مشروع «قانون الجمعيات» الذي قدّمه عضو الكنيست (يانون ميجال) من حزب «البيت اليهودي»، الذي يستهدف منظمات حقوق الإنسان الإسرائيلية، التي تدافع عن حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وعلى رأسها منظمتا «بتسيلم» و«لنكسر الصمت». كذلك، مشروع «قانون المواطنة والدخول إلى إسرائيل»، الذي يمنع لم شمل عائلات فلسطينية أحد الزوجين فيها يحمل المواطنة الإسرائيلية، بينما الآخر من سكان الضفة الغربية أو قطاع غزة، ويشمل أيضاً منع المواطنين العرب من الزواج من عرب مواطني دول أخرى. كذلك، مشروع «قانون الإرهاب» الذي ينظم طريقة تعامل الأجهزة الأمنية مع «المنظمات الإرهابية ونشطائها»، وهو المشروع الذي طرحته وزيرة العدل «اييليت شاكيد»، ويدخل عدة تعديلات في كل ما يخص الإفراج عن سجين من الحبس بشروط. وتحظر هذه التعديلات تقصير فترة حكم كل من حكم عليه بالسجن مدى الحياة قبل تأديته تسع سنوات من هذه الفترة وليس سبع سنوات كما هو الحال الآن. كما يحظر بموجب مشروع هذا القانون إطلاق سراح سجين فرضت عليه عقوبة السجن مدى الحياة عدة مرات قبل أن يؤدي 40 سنة على الأقل من فترة حكمه بدلا من 30 عاماً كما هو الحال الآن. أضف إلى ذلك، القوانين الانتقامية من الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال، حيث أقر مشروع قانون التغذية القسرية للأسرى الفلسطينيين المضربين عن الطعام احتجاجاً على اعتقالهم الإداري، وهو القانون الذي يتيح لسلطات السجون تغذية الأسرى المضربين عن الطعام عنوة، الأمر الذي اعتبره رئيس نقابة الأطباء في إسرائيل الدكتور «ليونيد إدلمان» بأنه قانون «سيلحق ضرراً بالمضربين عن الطعام ودولة إسرائيل وصورة الطب في إسرائيل أمام العالم». كما أقر «الكنيست» عقوبة السجن 20 عاماً ضد ملقي الحجارة على المركبات الإسرائيلية من الفتيان الفلسطينيين، وهي عقوبة تنفرد بها الدولة الصهيونية بين سائر دول العالم، مؤكداً ما تتصف به من عنصرية وفاشية. تقول صحيفة «هآرتس»: «الكنيست العشرون يبدو الأكثر عنصرية.. وأعضاؤه يتبارون في ما بينهم على من سيأخذ هذا البرلمان إلى حضيض أكثر انخفاضاً». وتطرقت الصحيفة إلى ما قاله نائب وزير الداخلية الجديد «يارون مازوز»، من حزب «الليكود»، لزملائه العرب في الكنيست: «إسرائيل تصنع معروفاً تجاهكم باعطائكم الهوية الإسرائيلية». وتوضح الصحيفة: «من المستحيل أن نبقى صامتين عندما نسمع مثل هذه التصريحات الوضيعة والمثيرة للغضب. لقد قام نتنياهو بالصعود إلى المنصة فرد على هذه التصريحات العنصرية. لكنه زاد الطين بلة». وتختم: «لا يمكن افتراض أن نتنياهو لا يفهم معنى الديمقراطية، ومن الواضح أنه قد أدرك فائدة التحريض على العنصرية ضد العرب في إسرائيل خلال الانتخابات وبعدها». ومن جانبها، تقول الكاتبة بيرما غولان: «إن ما يحدث الآن في الكنيست ليس عنصرية مجردة، بل خطوة فظة على الطريق الطويلة التي لا يخاف منها شعب الخلود. اليمين برئاسة نتنياهو (الذي أعطى الإشارة لهذه الخطوة في خطاب العرب الذين يهرعون إلى مراكز الاقتراع)، يحول، عملياً، إسرائيل القائمة داخل الخط الأخضر، إلى متاع زائد لدولة يهودا، ومن ديمقراطية هشة يتم صياغة إسرائيل من جديد كمنطقة لا حدود واضحة لها، وتدار من قبل نظام مركزي وعدواني بوساطة قوات شرطة وحشية، واليهود الذين يعيشون فيها يتمتعون بامتياز مكانتهم كمواطنين»!