في كل مرة ينفق المرشحون لانتخابات الرئاسة الأميركية ساعات بل وأيام يستعدون فيها للمناظرات ويتدربون على طريقة الرد، ويقدم لهم المستشارون النصح فيما يتعلق بقضايا داخلية وخارجية. وعندما يصعدون إلى المسرح يحاولون أن يكونوا أذكياء في غير تعال وأن يكونوا عليمين بالأمور، لكن قريبين من رجل الشارع. بيد أن كل هذا سيكون مملا للغاية ولن يخبرنا بالكثير عن المرشح الذي قد يصبح رئيساً. فلماذا لا نضع الطامحين للرئاسة في مواقف افتراضية يديرون فيها أزمات؛ مثل تفجير حافلة في وسط مدينة شيكاجو ومقتل 40 شخصاً وإعلان «داعش» المسؤولية عنها، أو وقوع هجوم رقمي تسبب في تعطيل شبكة الكهرباء في ذروة موجة حر خلال الصيف في ولاية اتلانتا، أو انهيار مفاجئ للسوق المالي يجعل عددا من البنوك التجارية متوسطة الحجم عاجزة مؤقتاً عن تلبية حاجة المودعين لسحب الأموال، وبالتالي يتعين عليهم الاعتماد على المؤسسة الاتحادية للتأمين على الودائع؟ كيف يفكر المرشحون في الخيارات المتاحة؟ وكيف يستجيبون؟ ألن نحصل على رؤية أفضل من خلال فحص استجاباتهم وليس مجرد مناقشة لماذا تنهد أحد المرشحين بشكل غير ملائم أو نظر إلى ساعته؟ الرؤساء العظماء يقومون بالاستجابة الصحيحة في وقت الأزمة. إنهم يتحلون بالحكمة أثناء المشكلات غير المتوقعة. ويطرحون أسئلة جيدة ويحللون المعلومات الجديدة سريعاً ويخترقون الغموض ويوازنون بين الخيارات المتاحة بعمق. ومحاكاة أزمة سوف تختبر هذه المزايا بطرق لا تختبرها صيغة المناظرة. ويتعين أن تنظم مثل هذه المحاكاة بدقة، بحيث يلعب موظفون سابقون في الحكومة أو خبراء أدواراً محورية في قصة محبوكة بعناية. ويمكن تدريب الشخص ليقدم نصيحة سيئة، فهل سيقبل أي من المرشحين هذه النصيحة؟ ويستطيع المرشحون أيضاً الاتصال بمستشاريهم أو أي شخص يريدونه أثناء المحاكاة. ويمكن إحاطة المرشحين علماً بتفاصيل الأزمة خلال ساعتين عبر مستشارين وتغطية إخبارية مفترضة. وفي نهاية المحاكاة يلقي كل مرشح كلمة قصيرة تلخص استجابته وتحدد خططه لمواجهة الأزمة مستقبلا. ويستطيع صانعو الأفلام تسجيل المحاكاة برمتها وتحويلها إلى سلسلة خاصة من تلفزيون الواقع. ويستطيع الصحفيون فحص كل التفاصيل ليقرروا من هو الأفضل ولماذا. وبدلا من إنفاق أسبوع بعد كل مناظرة في الجدل عمن قدم أفضل إجابة أو من هو صاحب أسوأ زلة لسان، فربما يتعلم الناخبون من خلال المحاكاة القليل عن آليات عمل مكتب الرئيس. وربما نحصل أيضاً على اختبار حقيقي عن كيف يفهم المرشحون مسؤوليات الوكالات المختلفة على المستوى الفيدرالي وعلى المستوى الولائي. وعلى المرشحين اغتنام فرصة اختبار مثل هذا، لأن المحاكاة ستقدم لهم فرصة الظهور كـ«رئاسيين». وبدلا من أن يقول المرشحون كيف سيعالجون متطلبات المنصب من خلال تقديم وعود عامة، سيتعين عليهم إظهار هذا وليس الحديث عنه. وهناك فائدة أخرى وهي التدريب على الرئاسة، الأمر الذي لا يمكن تحقيقه إلا من خلال الفوز بالمنصب. وطول الموسم الانتخابي يستوعب عدداً كبيراً من مثل هذه المحاكاة لتتناول طائفة من التحديات الداخلية والخارجية. فلماذا لا نجرب هذا قبل بدء الانتخابات الأولية؟ إننا مقدمون على شهور من الملل الانتخابي يكافح فيه المحررون السياسيون للعثور على شيء شيق يكتبون عنه. والأخذ بطريقة المحاكاة سيضفي حيوية على الحملات الانتخابية. ويجادل البعض بأن المناظرات تستحق العناء لأنها تقدم واقعاً تلقائياً، مما يساعد في الكشف عن شخصية الرئيس. لكن واقع الحال أنه حتى قبل المناظرات تكون قد أصبحت لدينا فكرة جيدة عن المرشح عبر المئات من خطبه ومقابلاته. والمناظرات لا تضيف جديداً. وربما يكون لدى المرشحين خطط لما يودون إنجازه في المنصب، لكن كل شخص لديه خطط حتى تعترضه مشكلة. ونحن نريد معرفة ماذا سيحدث للمرشح عندما تعترضه مشكلة. والمناظرات تكافئ المرشحين على الإجابات الجيدة القصيرة، وتؤهل الناخبين لأن يتوقعوا الحلول في صورة شعارات. لكن محاكاة الأزمات تكافؤ على الفعل الحصيف، ويمكن تصميمها لتجيب على أسئلة معقدة وتدفعنا لإجراء مفاضلات. وربما يمكنها أن تغير الحديث عما نريده من الرئيس. وعلى أسوأ الظروف سنحصل على ترفيه أكثر مما في المحادثات الحالية. لي دروتمان: باحث بارز في برنامج الإصلاح السياسي في مؤسسة «نيو أميركا» ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»