قتل القناص الأميركي «كريس كايل»، حسب تصريحاته، 160 ضحية من العراقيين افتتحها بغلام، وتمنى قبل أن يُقنص بدوره من زميله «إيدي روث» أن يكون قد رفع الرقم أضعافاً مضاعفة! حاول المخرج الأميركي «كلينت إيست وود» في هذا الفيلم تقديم أميركا على أنها روما التي لا ترحم! وأخيراً في فبراير 2013 أصابته الرصاصة القاتلة، التي قتل بها الناس، فأصبح القناص «كايل» نفسه هو الضحية رقم 161. ومن قتله كان رفيقه في السلاح «إيدي روث» بعد أن دعاه «كريس» وقد علته السآمة، إذ لم يقتل أحداً، للتمرن على استخدام السلاح، بأن يكونوا في جاهزية للإجهاز على الخصم، في كل وقت ومكان. ولا أحد يعلم على وجه الدقة ما الذي حدث بين الثنائي، ولكن المحاكمة بدأت ضد القاتل، ليفهم الناس القاعدة التي تقول: بشر القاتل بالقتل ولو بعد حين! تم توديع جنازة السفاح «كايل» بحفل ضم أكثر من 7000 شخص، في ملعب الرياضة «أرلنجتون» في فبراير 2013، ووصفته «سارة بالين» من الحزب الجمهوري بأنه المحارب الأمضى، ومن ينتقده لا تقيموا له وزناً! وفي المقابل اعتبر الناقد «مايكل مور» أن عمل القنص لا يعتبر بطولة، فهم يقتلون من مأمن وليس مواجهة، قالها وهو يذكر عمه الذي قُتل من طرف قناص في الحرب العالمية الثانية. وقد دار النقاش حامياً كأشد ما يكون، على خلفية هذا الفيلم، حول تحديد مفاهيم البطولة والوطنية، وما يسمح به وما لا يسمح، وهل من المغامرة أن يقاتل الأميركي ولو في المريخ دفاعاً عن أميركا؟ أم أن الدفاع عن الوطن يجب أن يتم على أرض الوطن، وليس مغامرات في أقصى المعمورة؟ كما تفعل إيران في سوريا! لنحاول، مرة أخرى، أن نلقي نظرة على الفيلم وكيف حاول المخرج «إيست وود» تبرير أعمال القتل التي اقترفها القاتل. وأول لقطة نجد أنفسنا ونحن نرى العالم من خلال فوهة بندقية! إنها اللقطة التي يحسنها «إيست وود» وأتقنها منذ نصف قرن. وقد اشتهر بفيلم «هاري القذر» Dirty Harry الذي مثله في سبعينيات القرن الماضي، حيث ارتفعت أسهمه في التمثيل وهو يطارد قناصاً في سان فرانسيسكو، قد اعتلى عمارة عالية، ليتمكن منه فيقتله، وهنا تتحقق العدالة الأميركية تماماً، بفارق أن الصورة مقلوبة في العراق فالقناص يقتل وينجو بفعلته، وينشر مذكراته المليونية، ويصبح بطلاً قومياً، يدافع عن قيم الحريات، في أقصى المعمورة ويقنص مئات البشر مثل صيد الطيور! من دون أي محكمة وعدالة وقضية، ولكنها أميركا روما القديمة ضد إسبارتاكوس! من أخذ دور البطل -الذي تحول هو نفسه إلى مقنوص برقم الضحية 161 باعترافه أنه قتل فقط 160 بريئاً، هو برادلي كوبر، والمشهد الأول كان لمقتل طفل عراقي! يعطي الفيلم الانطباع عن عالم مسكون بالأشرار! يعذبون ويقتلون، مليء بالمصائد الغادرة، ستكلف الكثير من حياة الأميركيين الغالية! والفيلم مقطّع إلى لقطات بحيث يجد المتابع الحاذق صعوبة في ربط الأجزاء ببعضها بعضاً، وهذا هو المقصود من أجل إقناع المشاهد بأن أميركا تخوض حرباً «مقدسة» ضد «وحوش آدمية»، وأن «البطل القومي» القناص «كريس كايل» سيدافع عن أميركا ويقتل أعداءها بأي صورة، وفي أي مكان، ولو كانوا في حافة المجرة إذا دعت الضرورة وطالبه رؤساؤه بذلك!