تحت شعار «الابتكار يثريه الحوار»، نظمت وزارة الداخلية مجالسها الرمضانية لهذا العام، والتي بلغ عددها 47 مجلساً شملت كافة مناطق الدولة تقريباً، خرجت بأكثر من ستين توصية ستسعى وزارة الداخلية إلى اعتمادها وتطبيقها، كما صرّح بذلك الفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية. وقد ذكر سموه أن المجالس باتت تمثل مصدراً مهماً لرسم سياسات وزارة الداخلية التطويرية، الساعية إلى تلبية آمال شعب الإمارات والمقيمين على أرضها. هذه التجربة لها أربع سنوات، لكنها هذا العام حملت بعداً جديداً، فقد خصصت المجالس لتثري ابتكارات وإبداعات وزارة الداخلية، حيث تقوم قطاعات الوزارة المختلفة، مثل المرور والترخيص، والجنسية والإقامة، ومراكز الشرطة والتحقيق، والدفاع المدني والسلامة العامة، وحماية المجتمع والوقاية من الجريمة. بعرض تجاربها ورؤيتها على جمهور المجالس الذي يناقش بكل حرية مع ممثلي الوزارة والخبراء المشاركين في المجلس من أجل تمحيص التجارب واستمطار الأفكار. هذه التجربة المتميزة للوزارة الرائدة تمثل معلماً رمضانياً يسعى القائمون عليها من أجل تجديدها سنوياً. وفي كلمة خاصة جمعتني مع الفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان والعقيد الدكتور صلاح الغول مدير مكتب ثقافة احترام القانون في الأمانة العامة لمكتب نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، أمر سموه بتقييم هذه التجربة من أجل تطويرها، والاستفادة من نتائجها. وإذا كانت وزارة الداخلية قد بادرت بعرض رؤيتها وتجاربها على جمهور المواطنين، وهي من الوزارات السيادية، فلماذا لا تبادر الوزارات الخدمية، مثل الصحة والتربية والتعليم، بالاستفادة من هذه التجربة من أجل إثراء خططها وبرامجها التي تخدم جمهوراً كبيراً من المجتمع الذي بات يسمع عن التغييرات في هذه الوزارات دون الاستفادة من آراء الناس فيما هو مُقدَّم لهم. فالتربية والتعليم مثلاً ستنفذ العام الدراسي القادم حزمة من الإصلاحات التي تطال منظومة التعليم في الدولة، والكل مجمع على أهمية تطوير التعليم وتحديث المناهج وطرق التدريس، لكن الحكمة تقتضي إشراك الجمهور المستهدف من هذا التطوير في صناعة القرار كي لا يتم إجهاض التجارب المتميزة، ليس لخلل فيها، بل لأن الناس لم يستعدّوا لها قبل تطبيقها. والأمر ينسحب على وزارة الصحة بقطاعاتها المختلفة، فللناس مصلحة في معرفة الإنجازات والمتغيرات داخل مثل هذه الوزارات وتسجيل ملاحظاتهم بكل حرية وشفافية. إن تجربة المجالس الرمضانية في وزارة الداخلية تستحق الاستنساخ من قبل بقية الوزارات، وتحديداً تلك التي تقدم خدمات مباشرة للجمهور. فالمجالس في تراثنا الإماراتي لم تكن فقط للأنس والاسترخاء، بل إن مجالس أصحاب السمو الشيوخ وأعيان البلاد كانت مصنعاً للأفكار التي متى ما تم الاقتناع بها تعرض على الجهات المختصة من أجل تبنيها والاستفادة منها. وهناك مجالس الأحياء التي أنشأتها الحكومة مشكورةً في جل الإمارات، إضافة إلى مجالس الأعيان التي تفتح أبوابها طوال العام. فلماذا لا تقوم مختلف الوزارات طوال العام، وليس فقط في رمضان، باستثمار هذه المجالس عبر التنسيق مع أصحابها والجهات المشرفة عليها لإجراء لقاءات ودية مع عموم الناس بفئاتهم المختلفة، من الشباب والكبار بل وحتى الصغار، للتحاور في جو أخوي بعيداً عن الرسميات والمجاملات، كي ترتقي وزاراتنا ودوائرنا المحلية بمستوى الخدمات أكثر فأكثر، فنحن نعيش في دولة تعزز الابتكار في كل جوانب الحياة، وإسعاد الناس غاية هامة للحكومة، فالابتكار يثريه الحوار كما كان شعار مجالس وزارة الداخلية هذا العام.