التقرير الذي نشرته صحيفة «الجارديان» البريطانية مؤخراً، وسلطت فيه الضوء على مشروع دولة الإمارات العربية المتحدة لغزو الفضاء، عبر إرسال مسبار فضائي يدور حول كوكب المريخ بحلول عام 2021، كأول مسبار فضائي عربي وإسلامي في هذا الإطار، إنما يحمل شهادة دولية على قدر كبير من الأهمية بشأن دور دولة الإمارات العربية المتحدة، ليس في خدمة وقيادة مسيرة التطور والتنمية في دول العالمَين العربي والإسلامي فقط، وإنما يمثل شهادة ثقة دولية بشأن الدور الذي تمارسه الإمارات من خلال مثل هذه المشروعات والمبادرات الحيوية في خدمة الإنسان ومسيرة تطور البشرية على كوكب الأرض كله. فقد أشارت الصحيفة، في تقرير مطول التقت فيه مع القائمين على المشروع، إلى أن المسبار الإماراتي سيكون الأول من نوعه بالنسبة إلى الدول العربية ومنطقة الشرق الأوسط، وذلك في إشارة صريحة إلى الموقع الرائد لدولة الإمارات العربية المتحدة ونهجها التنموي على المستوى الإقليمي، وسعيها الدؤوب إلى المساهمة في مسيرة التطور العالمية، عبر الأخذ بأسباب المعرفة، والتسلح بسلاح العلم الذي ينقل الإنسان نحو الأفضل بشكل مستمر. ولأن المشروع الإماراتي لغزو الفضاء انطلق بتوجيهات سديدة من صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، وبمتابعة من صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، (رعاه الله)، في يوليو من العام الماضي 2014، فإن هذا الأمر يعني أن القيادة الرشيدة للدولة تعي تمام الوعي أهمية الاستعداد للمستقبل، وتعي أيضاً أن العمل التنموي هو مسؤولية لا تنتهي وهدف لا يتوقف سقفه عن الارتفاع يوماً بعد يوم، من أجل ضمان حياة كريمة للمواطن الإماراتي، كجزء من البشرية والشعوب الأكثر تطوراً في العالم. كما أن حرص دولة الإمارات العربية المتحدة على أن يكون الفريق المشرف على مشروعها الفضائي فريقاً قوامه الأساسي من الكوادر البشرية المواطنة المؤهلة، هو بدوره ينطوي على دلالة عالية الأهمية، إذ تؤكد أن الدولة قيادة وحكومة، لا تدخر جهداً في تمكين مواطني الدولة من التسلح بالعلم والمعرفة وامتلاك الخبرات والمهارات الأكثر حيوية، وتأهيلهم للعمل في التخصصات كافة، بما في ذلك التخصصات الدقيقة والأكثر تطوراً وتعقيداً، بما فيها العمل في مجال الفضاء، وهذا الأمر بطبيعة الحال يمثل مطلباً ضرورياً وشرطاً كافياً لضمان استدامة النموذج التنموي الإماراتي، إذ إنه يكفل له تخريج وتوليد الكفاءات والخبرات المواطنة القادرة على الاضطلاع بالمسؤوليات والأدوار كافة، بما يؤهلها لتحمل مسؤوليات استكمال مسيرة التنمية الشاملة. إن النموذج التنموي لدولة الإمارات العربية المتحدة هو نموذج يتميز بالعديد من الخصائص، من بينها التوازن والطموح والانفتاح على العالم، وهذه الخصائص يمكن استخلاصها من الأهداف التي يسعى إليها مشروعها الفضائي، فوفق القائمين على المشروع، فإن الوصول إلى كوكب المريخ ليس سوى وسيلة للوصول إلى أهداف أوسع وأكثر عمقاً، أولها بناء فريق متميز من علماء الفضاء الإماراتيين، وتطوير قطاع فضاء وطني متميز، وبعث الأمل للمنطقة وللإنسانية وللشباب في الدول التي تعاني صراعات كثيرة، هذا بالإضافة إلى المساهمة في دعم وتطوير المعرفة الإنسانية. ـ ـ ـ ـ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.