من بين 188 دولة في العالم تملك كل منها دستوراً، نصت دساتير 117 دولة منها على وجوب التجنيد الإجباري لمواطنيها، كما أن 14 دولة تخير مواطنيها بين الخدمة العسكرية والمدنية، وقد استفادت دولة الإمارات العربية المتحدة من تجارب الدول الأخرى في هذا الصعيد، لاسيما أن آلية القرار فيها تتم وفق أسس منهجية تمثل روح الديمقراطية الحقيقية، الساعية لبناء الأمة وتكوين الشخصية وترسيخ الهوية الوطنية. وفي كتابه الذي نعرضه هنا، «الخدمة الوطنية وتأثيراتها الأمنية والعسكرية والتنموية في دولة الإمارات العربية المتحدة»، يناقش اللواء الركن طيار رشاد محمد سالم السعدي، قائد كلية الدفاع الوطني في الدولة، أهمية الخدمة الوطنية لدولة الإمارات العربية المتحدة، ويجيب على تساؤلات الجدوى من الخدمة الوطنية وأسبابها، مركزاً على ثلاثة جوانب متداخلة: الأمن والتنمية والعلاقة بينهما، دور المؤسسة العسكرية في التنمية، وأخيراً تأثير الخدمة الوطنية على العملية التنموية في دولة الإمارات. وكما يؤكد المؤلف فإن قانون الخدمة الوطنية الصادر في يونيو 2014، يعد أحد أهم المشروعات الاستراتيجية التي من شأنها أن تحقق أهدافاً استراتيجية كبرى للدولة. فدولة الاتحاد حققت الكثير من الإنجازات في أربعة عقود، وعلى صعيد القوات المسلحة بالخصوص كانت هناك أولويات ومراحل تمثلت في تشكيل القوات، وتنظيمها وتوحيدها، وما صاحب ذلك من إعادة تنظيم، وتوطين للقيادات والأفراد، وتطوير للبنى التحتية، وتحديث للقدرات وتطويرها.. ثم جاءت هذه الخطوة المهمة في تاريخ الدولة وقواتها المسلحة. وحول دوافع إقرار الخدمة الوطنية، يرى السعدي أن هناك عوامل داخلية تتطلب تطويراً كمياً ونوعياً للقدرات الدفاعية التي يكون المواطنون ركيزتها الأساسية، وتتطلب تضافر الجهود لتمكينها من ترسيخ الاستقرار الذي تعيشه الدولة وتنعم به. كما أن هناك عوامل خارجية فرضت واقعاً يجب التعامل معه وفق الإمكانات المتاحة، وتطوير القدرات بما يلبي احتياجات الحاضر ويستجيب لما سيكون عليه المستقبل في البيئة العالمية المعقدة والبيئة الإقليمية المضطربة. وهنا يؤكد المؤلف على ذلك التوازن الدقيق في الاستراتيجية الإماراتية بين متطلبات الأمن والدفاع والشروط اللازمة لضمان استمرار عمليات التنمية وفقاً لـ«رؤية الإمارات 2021» و«الرؤية الاقتصادي 2030 لإمارة أبوظبي». كما يستعرض الكتاب جملة الأهداف المتوخاة من إقرار الخدمة الوطنية، مثل: ترسيخ مفهوم الردع والتوازن الأمني والعسكري، نشر الثقافة العسكرية وتعميمها لدى المواطنين، نشر الثقافة الأمنية لدى فئات الشباب، ترسيخ الوحدة الوطنية وتوطيد أسس الاتحاد، تعزيز الهوية الوطنية، تحقيق نتائج اجتماعية مهمة عبر توجيه وترشيد طاقات الشباب، دعم جهود توطين الوظائف، تعزيز القدرات الوطنية ومقوماتها الشاملة لدى الدولة، اكتشاف وتطوير القدرات القيادية لدى الشباب، وتعزيز ثقة المجتمع بمؤسساته الأمنية. وللتعريف بدور القوات المسلحة في التنمية وكأداة قوة فاعلة للدولة، يذكر المؤلف بعض المجالات التي تدعم عمليات التنمية الوطنية، سواء تنمية رأس المال البشري، أو التنمية بمفهومها الشامل، وبأبعادها المادية والمعنوية، ويتوقف خصوصاً عند مجالات التنمية البشرية والإدارة والأعمال اللوجستية والبنية التحتية. وأخيراً يؤكد الكاتب على العلاقة الوثيقة بين الأمن والتنمية، وعلى إسهام القوات المسلحة في التنمية عبر إسهامها في إيجاد بيئة مستقرة وجاذبة وحاضنة ومحفزة للتنمية، وأن الخدمة الوطنية ذات جدوى عظيمة للوطن وأجياله المقبلة، لذا يجب دعمها وتحفيز الأبناء والأسر والمؤسسات على تطبيقها بهمة ونجاح. محمد ولد المنى الكتاب: الخدمة الوطنية وتأثيراتها الأمنية والعسكرية والتنموية في دولة الإمارات العربية المتحدة المؤلف: اللواء الركن طيار رشاد محمد سالم السعدي الناشر: مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية تاريخ النشر: 2015