يبدو المشروع الأوروبي الآن أكثر هشاشة خاصة بعد تفاقم أزمة اليونان. ولكن الأمر لا يبدو كذلك عند النظر إلى دور أوروبا في صفقة إيران التي أعلنت يوم الثلاثاء الماضي. وفي حواشي الاتفاق، نجد أن الصفقة النووية منحت الاتحاد الأوروبي قوة تأثير كبيرة، وتعطيه الصوت الحاسم في تقرير ما إذا كانت إيران تلتزم بوعدها بعدم إنتاج سلاح نووي. فالفقرة 19 من الاتفاقية تنص على أن الاتحاد الأوروبي سينهي العقوبات عندما تنفذ إيران ما عليها في الاتفاق استناداً إلى حكم الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وهذا يعني أنه إذا قررت إيران الموافقة والالتزام بتعهداتها فإن الاتحاد الأوروبي ملتزم بإنهاء العقوبات. وإنهاء عقوباته يعني عملياً إنهاء الضغط الأميركي على إيران لأن نظام العقوبات سيكون شبه منعدم الفائدة دون مشاركة أوروبية. وبعبارة أخرى فحتى إذا عرقل الكونجرس الأميركي بطريقة ما الموافقة على الصفقة بتجاوز حق النقض الرئاسي «الفيتو»، تستطيع إيران والاتحاد الأوروبي أن يمضيا في تنفيذ الاتفاق وتجاهل الولايات المتحدة. وطهران ستحصل على معظم ما تريده وتحديداً إنهاء العقوبات الاقتصادية. وهذا هو ما جعل الولايات المتحدة لا تستطيع عملياً رفض الاتفاق. ولاشك أن الرئيس أوباما وإدارته يشعران بارتياح نسبي لوجود هذا البند لأنه يضمن فعلياً النجاح. ومؤيدو الاتفاق يشيرون دون خجل نوعاً ما إلى الفقرة 19 باعتبارها سبباً لموافقة الكونجرس. ولكن يمكن أيضاً رؤية مدى استفادة أعضاء الاتحاد الأوروبي، فبعضهم لم يرد فرض عقوبات على إيران أصلاً. والاتحاد الأوروبي يكون أكثر تماسكاً عندما تتلاقى مصالح أعضائه الاقتصادية. ولا تريد أي دولة فيه أن تخسر تجارتها مع إيران، وعقوباته ضدها هي نتيجة ضغط أميركي مكثف لجعله يضع المصالح السياسية الأميركية فوق مصالحه التجارية. وهناك قواعد معقدة تحدد طريقة اتخاذ الاتحاد الأوروبي لقرارات السياسة الخارجية. ويواجه الاتحاد تحديات سياسية جوهرية في المدى القريب، منها خروج اليونان من اليورو وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. ولا يبشر الغضب والاستياء بسبب أزمة اليونان بالخير للاتحاد الأوروبي باعتباره كياناً سياسياً وليس سوقاً اقتصادية مشتركة. وصفقة إيران تعامل الاتحاد الأوروبي باعتباره لاعباً دولياً مهماً. وهناك ما يبرر هذه الثقة. نوح فيلدمان: أستاذ القانون الدستوري والدولي في جامعة هارفارد. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»