اليوم هو أسوأ يوم بالنسبة لإدارة جورج دبليو. بوش، فالاتفاق الذي عقده أوباما الأسبوع الماضي مع إيران لكبح برنامج أسلحتها النووية يرقى إلى اعتراف براجماتي بانضمام إيران إلى الولايات المتحدة كلاعب إقليمي أساسي، ليس في الخليج العربي فحسب، ولكن في منطقة الشرق الأوسط برمتها، والحال أن صعود إيران ما كان ليحدث – والاتفاق ما كان سيكون ضرورياً – لو أن الولايات المتحدة لم تحرر إيران من القوة الإقليمية التي كانت تتولى احتواءها: عراق صدام حسين. لنبدأ بالاتفاق الذي أُعلن عنه الثلاثاء، والذي يعكس ما ستشير إليه كتب التاريخ باعتباره مقاربة أوباما المتميزة للسياسية الخارجية، فقد ورث أوباما عالماً كانت فيه الهيمنة الأميركية التي أعقبت نهاية الحرب الباردة قد بدأت تضعف وتتآكل. وأمام صعود قوى مثل الصين في المحيط الهادي، وروسيا في أوروبا الشرقية، وإيران في الشرق الأوسط، رد أوباما بأن رفض المواجهة العلنية والصريحة أو الاحتواء المتشدد الذي قد يفضي إلى مواجهة مباشرة، وآثر الاعتراف البراجماتي الهادئ بصعود القوى المنافسة. الولايات المتحدة كان يمكنها، في مرحلة سابقة ما، أن تقصف إيران لمنعها من أن تصبح قوة نووية، ولكن بوش لم يفعل ذلك لأن العواقب التي كانت ستنجم عن ذلك كانت غير أكيدة، وأن الجنود الأميركيين في العراق كانوا سيصبحون معرَّضين لأعمال انتقامية إيرانية تنفذها المليشيات الشيعية. وعندما لم يعد قصف إيران خياراً مطروحاً على الطاولة، لم يكن لدى الولايات المتحدة نفوذ قوي لمنع إيران من الحصول على أسلحة نووية، فاستقر رأي أوباما على العقوبات الاقتصادية الشديدة، واستجاب النظام الإيراني بأن أظهر أنه إذا كان يرفض تلك العقوبات، فإنها على الأقل لا تمثل تهديداً وجودياً له. هذا الوضع هيأ الظروف لاتفاق تتوقف بموجبه إيران عن السعي للحصول على رؤوس نووية، ولكن مع بقائها في الوقت نفسه قريبة بما يكفي من الحصول عليها بحيث إن وضعها الجيوسياسي الإقليمي يتقوى ويتعزز، لكن كيف وصلنا إلى هذا الوضع؟ الواقع أنه لو أن الولايات المتحدة لم تقم بغزو العراق، لكان عراق صدام على الأرجح مستمراً في لعب دوره التقليدي المتمثل في احتواء إيران. ـ ـ ـ محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»