في إطار جهودها لتعزيز حقوق الإنسان، تتجه دولة الإمارات العربية المتحدة نحو توحيد إجراءات التعامل مع جرائم الاتجار بالبشر، وفق ما كشفته وزارة الداخلية، مؤخراً، لدى إعلانها اعتزامها إطلاق نموذج مرجعي استرشادي لمواجهة جرائم الاتجار بالبشر، للتصدي للإشكاليات التي قد تنتج عن تعدد هذه الإجراءات وإمكانية تعارضها، بما يخل بجهود الدولة في محاربة هذه النوعية الخطيرة من الجرائم. وقد وثق التقرير الأخير الصادر عن «اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر»، التقدم الذي أحرزته الدولة في هذا المجال، وقد أكد أن هناك تراجعاً ملحوظاً في عدد قضايا الاتجار بالبشر في الدولة على ضوء الإجراءات المشددة التي يتم اتخاذها، وذكر التقرير أن هذه القضايا تراجعت بمعدل 68% خلال الأعوام الثلاثة الماضية، فبلغت العام الماضي نحو 15 قضية مقابل 74 قضية في عام 2012، كما انخفض عدد ضحايا هذه الجرائم وعدد القائمين بها أيضاً، فتم توثيق 20 حالة ضحية و20 متاجراً في عام 2014، مقابل 75 ضحية و149 متاجراً في عام 2012. وهذه الإنجازات ما كانت لتتحقق من دون دعم القيادة الرشيدة للدولة لجهود مكافحة هذه الجرائم، إذ كان لإصدار صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، القانون الاتحادي رقم 51 لسنة 2006 بشأن مكافحة الاتجار بالبشر، والذي تم بموجبه تشكيل اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر، وكذلك إصدار سموه القانون الاتحادي رقم 1 لسنة 2015 بتعديل بعض أحكام القانون الاتحادي رقم 51 لسنة 2006، أثره المباشر في تطوير الإجراءات الإماراتية للتصدي لهذه الجرائم. والذي باتت بفضله التجربة الإماراتية نموذجاً رائداً في هذا المجال، لاسيما أنها أرست الركائز الأساسية للإستراتيجية الإماراتية لمحاربة الاتجار بالبشر، المتمثلة في خمسة مرتكزات وهي الوقاية والمنع والملاحقة القضائية والعقاب وحماية الضحايا وتعزيز التعاون الدولي. إن دولة الإمارات العربية المتحدة تعمل عبر اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر، على تطوير تشريعات قضايا حقوق الإنسان بما يتناسب مع المتغيرات الطارئة والمستجدات العالمية، في إجراء استبقائي ووقائي لمواجهة أي محاولات أو أساليب جديدة للتحايل على القوانين، وسد أي ثغرات قانونية قد يستغلها المجرمون في ممارسة جرائمهم. وفضلاً عن ذلك فالقوانين المتشددة لمعاقبة هؤلاء المجرمين، والتي تصل إلى حد السجن المؤبد في حال كان الضحية طفلاً أو معاقًا، تشكل رادعاً لأصحاب النفوس الضعيفة لمن تسول له نفسه ارتكاب مثل هذه الأفعال. وتعطي الإمارات كذلك أولوية خاصة وقصوى لمسألة حماية ضحايا جرائم الاتجار بالبشر والمتضررين منها على الصعد كافة، عبر مراكز إيواء الضحايا المنتشرة في جميع إمارات الدولة، والتي لا تنحصر مهامها في تقديم الملاذ الآمن للضحايا، بل تشمل تأهيل الضحايا نفسياً واجتماعياً لدمجهم مجدداً في المجتمع، إضافة إلى دعمهم مادياً عبر صندوق لتلبية احتياجاتهم، من جهة أخرى فإن للبرامج والحملات التوعوية ضد هذه الجرائم دوراً محورياً في محاصرتها. وتهتم الإمارات كذلك بتطوير أداء الكوادر الشرطية سواءً للتصدي لهذه الجرائم وفقاً لأحدث الأساليب الدولية، أو لحماية ودعم الضحايا وصون كرامتهم وإنسانيتهم، وقد أطلقت وزارة الداخلية مؤخراً مبادرة لإعداد كوادر وطنية متخصصة في مجال حقوق الإنسان، من خلال طرح دبلوم مهني في هذا التخصص، وتعمل الوزارة حالياً على تدريب 25 من القيادات الشرطية ليكونوا سفراء للدولة في مجال حقوق الإنسان العام المقبل 2016، ما يعزز خطوات الدولة نحو مواجهة الانتهاكات التي تمس حقوق الإنسان وعلى رأسها الاتجار بالبشر. عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية