يتفق النشطاء السياسيون والمراقبون التلفزيونيون على أن الحملات الانتخابية تكون بشأن المستقبل، لكن النوبة الأخيرة من الاختلاف حول الحرب الأهلية الأميركية أوضحت أن الماضي يؤثر أيضاً في الحملات. وخلال الأسبوع الماضي، أضاف حاكم ولاية تكساس السابق «ريك بيري»، بعداً جديداً للسباق الرئاسي «الجمهوري» لعام 2016، عبر التشبث الجلي بالتاريخ. وانطوى خطاب «بيري» حول الفرص الاقتصادية على مقدمة جديرة بالملاحظة، إذ خصص الفقرات القليلة الأولى لتذكر «الرعب غير المتخيل» جراء إعدام الصبي ذي الـ17 عاماً «جيسي واشنطن» دون محاكمة في عام 1916، وبينما لم يتطرق «بيري» للتفاصيل وأهميتها، فإنه أكد أن «واشنطن تعرض للتعذيب حتى الموت لأنه كان أسود البشرة». ووضح «بيري» أنه «لا يمكننا إنكار الميراث التاريخي للعبودية، ولا دورها كسبب لمشكلة الفقر بين السود». وأضاف: «لأن العبودية والفصل العنصري أجازتهما الحكومة، فإن للسياسات الحكومية دور في معالجة آثارهما المستمرة». وحلل «بريان بيوتلر» من «نيوريبابلك» و«جوناثان تشيت» من «مجلة نيويورك»، خطاب «بيري» من زوايا مختلفة، وقيّما من خلاله الألغاز التي يواجهها «الجمهوريون»، والمتمثلة في: معارضة السلطة الفيدرالية التي ظلت الضمانة الوحيدة لحقوق السود، والسعي للحصول على أصوات غير البيض بينما يروجون لسياسات خفض الاستثمارات الحكومية التي تمكن الفقراء من النهوض، ويجعلون قانون الضرائب مصدر ثراء للأشخاص الأثرياء بالفعل، وغالبيتهم من البيض. وبالطبع لم يتطرق خطاب «بيري» لهذه الأمور، لكن المدن الليبرالية أخفقت في توفير الفرص لسكانها من الفقراء السود. وأشار «بيري» إلى أن معدل الفقر بين السود في تكساس أقل منه في الولايات الأخرى التي يصوت ناخبوها لصالح «الديمقراطيين»، بيد أن الناخبين السود لطالما فضلوا يد المساعدة غير البارعة من «الديمقراطيين» على الازدراء من قبل «الجمهوريين». وإذا تمكن «الجمهوريون» من تحرير أنفسهم من الازدراء، فإن العقبة الكبيرة أمام المنافسة على أصوات السود ستبدأ في الزوال. ولعل الإقرار بالتاريخ الأميركي الحقيقي يعتبر مطلباً ضرورياً لهذه المهمة. فرانسيس ويلكينسون كاتب ومحلل سياسي أميركي يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفيس»