ما الذي حققه أليكسس تسيبراس للشعب اليوناني؟ صباح الاثنين، وبعد 14 ساعة من المفاوضات بين وزراء مالية منطقة اليورو ثم 17 ساعة إضافية بين قادة المجموعة، حصل رئيس الوزراء اليوناني على اتفاق أسوء بكثير من الاتفاق الذي أقنع الناخبين اليونانيين برفضه مؤخراً. واليوم، يتعين عليه أن يسوّقه لبرلمانه وشعبه. والواقع أنه رغم كل الحديث الملتهب السابق عن «إذلال» اليونان من قبل بلدان منطقة اليورو التي تقدم له حزمات الإنقاذ المالي، فإن الاتفاق الأخير مذل فعلا لتيبراس واليونان، وذلك لأن قرار إنشاء صندوق مستقل يتعين على اليونان أن تضع فيه ما يعادل 50 مليار يورو (55 مليار دولار) من أموال الممتلكات العامة التي ستتم خصخصتها، يشبه ما تفرضه المحاكم على الشركات المفلسة التي لم تفقد القدرة على استعادة تعافيها المالي. وإن التنصيص على ضرورة قيام البرلمان اليوناني في غضون ثلاثة أيام بتمرير تدابير وصفتها الحكومة في السابق بـ«الإجرامية» و«الإرهابية»، يُبرز إلى أي مدى علِّقت سيادة اليونان الاقتصادية. وبغض النظر عما سيقرره البرلمان اليوناني وما إن كانت اليونان ستبقى في منطقة اليورو أم ستغادرها في نهاية المطاف، فالمؤكد هو أن أووربا ستدفع ثمناً بسبب مثل هذا العمل الانتقامي. فالكثير من اليونانيين غاضبون، والدور البارز الذي لعبته ألمانيا في الدفع باتجاه مثل هذا الاتفاق القاسي أعاد إحياء صور نمطية قديمة كان الاتحاد الأوروبي وعملته الموحدة يهدفان لتبديدها للأبد. بيد أن تسيبراس هو من يتعين أن يلقي عليه اليونانيون باللوم حالياً. ولنتأمل هنا الوضع الذي كانت عليه اليونان قبل عام ونيف، عندما صعد حزبه «سيريزا» إلى الواجهة بعد فوزه بالانتخابات اليونانية للبرلمان الأوروبي. يومئذ، كان الحزب يقول: إنه لولا المقاربة غير الموفقة التي كانت تتبناها الحكومة اليمينية آنذاك حيال الدائنين، لاستطاعت اليونان إنهاء التدابير التقشفية، والعودة للرخاء، والإبقاء على اليورو. وهو كلام لم يكن صحيحاً، لكنه كان جذاباً. لقد جلبت وعود سيريزا الزائفة للحزب الهامشي السابق نجاحاً سياسياً لم يتخيله في يوم من الأيام. لكن بعد وصوله للسلطة، زاد من إضعاف الاقتصاد المنهك أصلا. وكان وراء إفلاس النظام المالي، وتسبب في زيادة معاناة الفقراء الذين يزعم التحدث باسمهم! لقد قامر تسيبراس بثروات بلاده، إذ راهن على أن بقية منطقة اليورو ستكون جد خائفة من التأسيس لسابقة خروج بلد عضو من المنطقة لدرجة أنها سترضخ لمطالبه وستمنحه شيكاً على بياض. هذه الاستراتيجية بلغت أوجها مع استفتاء الخامس من يوليو العبثي الذي دعا إليه، والذي طلب فيه من اليونانيين التصويت ضد آخر مقترح للإنقاذ المالي، واعداً بأن ذلك لن يعرّض عضوية اليونان في منطقة اليورو للخطر. لكن ها هو اليوم يستسلم، بعد أن أدرك أنه لا يملك تفويضاً لمغادرة منطقة اليورو. وهكذا، كُشف كذبه، ومعه كلفة ذاك الكذب بالنسبة للشعب اليوناني. والواقع أن اليونانيين لديهم كامل الحق في الشعور بالغضب تجاه شركائهم في منطقة اليورو، لكن رئيس وزرائهم هو من ينبغي عليهم أن يحمّلوه مسؤولية تدمير اقتصادهم في تجربة سياسية رعناء. وللأسف، الأمر لا ينتهي هنا. فنتيجة لأفعال رئيس الوزراء والرد القاسي لأوروبا، فإن تسيبراس– أو خلفه- قد يحصل على تفويض لمغادرة منطقة اليورو. مارك تشامبيون محلل سياسي بريطاني ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»