الهند دولة عريقة تضم بعض المدن الشهيرة التي لها تاريخ عظيم مثل دلهي ومومباي وحيدر آباد وكلكتا. ومعظم هذه المدن نشأت بالقرب من الأنهار والبحيرات. ولم يتم التخطيط لأي منها بالمعنى الحديث للكلمة. وبمرور الزمن، ازداد عدد السكان وتوسعت هذه المدن بشكل عشوائي في جميع الأنحاء حيث تتوافر المساحة. وتواجه سلطات هذه المدن حالياً عدداً من القضايا وتكافح من أجل توفير المرافق الأساسية لسكان هذه المدن القديمة. وهذا الأسبوع، أطلقت الحكومة مبادرة المدن الذكية، وهي عبارة عن خطة تهدف إلى اختيار 100 من إجمالي 4000 مدينة هندية قديمة وتحويلها إلى مدن حديثة يمكنها التنافس مع أي من كبريات المدن حول العالم. وعرفت الحكومة المدن الذكية بأنها تلك المدن التي لديها ما يكفي من إمدادات الماء والكهرباء والصرف الصحي الجيد ووسائل النقل العام الفعالة والاتصال بشبكة الإنترنت وتوفير الإسكان بأسعار معقولة والتي تكون آمنة، لكي يعيش الأطفال والنساء بها. ومن المقرر الانتهاء من قائمة المدن الذكية من خلال عملية تنافسية يتم فيها تقييم المدن بناء على عدد من المعايير بدءا من عدد دورات المياه إلى قيمة الضرائب، وما إذا كان يتم تقديم الرواتب الحكومية في موعدها أم لا. وسيتعين على الـ100 مدينة التنافس مرة أخرى لتصبح بين أول دفعة من 20 مدينة تحصل على تمويل من الحكومة الفيدرالية في محاولة لتشجيع نوع من المنافسة الصحية بين المدن. وبالرغم من وجود الكثير من التحديات التي تواجه إنشاء مدن على المستوى العالمي، إلا أنه ليس هناك ثمة شك أن هذه المبادرة تلقى ترحيباً. ويجب أن تكون البداية مع تحسين البنية التحتية الحضرية للدولة قبل فوات الأوان. فالهند، وهي ثالث أكبر اقتصاد في آسيا، تواجه تحديات ضخمة تتمثل في البنية التحتية الحضرية في مدنها وهي غير قادرة على التعامل مع العدد المتزايد دائماً من السكان. وقد أدى سوء التخطيط، وفي كثير من الحالات الغياب الكامل للتخطيط، إلى حدوث تنمية عشوائية حتى لبعض المدن الجديدة. فهناك نقص في إمدادات الماء والكهرباء علاوة على أن الصرف الصحي في كثير من الحالات هو دون المستوى وسيء للغاية. وتشير التقديرات إلى أن عدد السكان في المناطق الحضرية سينمو من 31% إلى 50% بحلول عام 2050. وعلى مدى سنوات، كان تركيز مخططات الحكومة ينصب على المناطق الريفية في الهند لأن 70% من سكانها يعيشون في القرى. ولكن مع انتقال الكثير من السكان إلى المدن، يزداد العبء الملقى على عاتق البنية التحتية الحضرية لذا فقد حان الوقت لكي يتحول التركيز إلى تحديث هذه المدن. ومع أخذ هذا السيناريو في الاعتبار، قررت الحكومة تحديث البنية التحتية لـ 100 مدينة جديدة فضلاً عن المدن القائمة بينما تنشئ مشروعات جديدة حول العديد من المدن الأخرى. ومن المقرر أن يتم اختيار أول 20 مدينة ذكية بنهاية العام من خلال مسابقة على مستوى الدولة. وستضع الحكومة الفيدرالية حداً لعدد المدن الذكية في كل ولاية بناء على عدد السكان. وعلى سبيل المثال، فإن ولاية "تاميل نادو" الجنوبية سيكون بها 12 مدينة ذكية في حين أن ولاية "أوتار براديش" الشمالية ستضم 13 مدينة أما كشمير فسيكون بها مدينة ذكية واحدة. وتجري الحكومة الفيدرالية مفاوضات مع نحو 18 دولة للاستفادة من خبرتها في مجال الحلول الحضرية. ومما لا شك فيه أن هناك الكثير من التحديات التي تواجه مثل هذا المشروع في دولة تضم 1.25 مليار نسمة. أولاً وقبل أي شيء، هناك حاجة لجذب استثمارات أجنبية مباشرة، وثانياً عدم السماح للمطورين العقاريين بتقرير كيف يجب أن تنمو المدينة. ثالثاً، على الخبراء الفنيين تحديد الطريقة التي ستنمو بها المدينة وليس القادة السياسيين الذين لا يلقون بالا للقواعد واللوائح ويشجعون على نمو الأحياء الفقيرة لخلق قاعدة انتخابية لهم. وهذا يؤدي إلى معاناة الأجهزة المحلية لتوفير حتى بضع ساعات من الكهرباء والمياه لسكان هذه المناطق. وقد قررت الحكومة تخصيص مليار روبية لكل من المدن المختارة على مدى خمس سنوات، وهو مبلغ صغير لإنشاء مدينة ذكية. لذا، ينبغي على الأجهزة المدنية البحث عن سبل لجمع الأموال من مصادر خاصة. ويجب أن يكون هناك أيضاً الأشخاص القادرون على تنفيذ الخطط ناهيك عن مشاركة المواطنين لوضع تصور لشكل المدينة التي يرغبون في العيش بها. وعلى الرغم من حماس الحكومة الفيدرالية لهذا المشروع، فإن هذا الحماس يجب أن يقابله حماس مماثل من حكومات الولايات التي قد يكون لديها أولويات أخرى. رئيس مركز الدراسات الإسلامية- نيودلهي