تتجدّد الأسئلة عما يجري في سوريا وتحديداً في المناطق المحاذية للحدود التركية! فبعد الأسئلة عن ألاندفاعة الأميركية في ضرب «داعش» ومساعدة الأكراد في السيطرة على مدينة «تل أبيض»، ثم في منع «داعش» من العودة إليها بعد هجومه المضاد، تطرح الأسئلة المشابهة في الرقة. لماذا تذهب قوات التحالف إلى ضرب «داعش» هناك؟ لماذا اليوم؟ لماذا لم يحصل هذا الشيء في السابق؟ لماذا التدخّل القوي هنا وليس في مناطق أخرى و«داعش» مسيطر على المنطقة منذ فترة طويلة؟ ماذا تغيّر؟ ماذا استجدّ؟ الجواب بسيط: في تل أبيض كما في عين العرب سابقاً وفي الرقة اليوم خصوصية كردية! وهي على حدود تركيا التي تؤرقها في الداخل هذه الخصوصية. واليوم هُزم «السلطان» أردوغان في الانتخابات، التوقيت ملائم لـ«ردعه» أو فرملة اندفاعاته، أو الحد من طموحاته غير الواقعية، ووضع حدّ لتكبّره وتجبّره واستعلائه في وجه أميركا والحلف الأطلسي وإسرائيل! وإصراره على إقامة منطقة حظر جوي في سوريا وتسهيل مرور«الإرهابيين» من تركيا إلى الداخل السوري! ستكون لهذه السياسة التركية تداعيات لاحقة على الوضع الداخلي. ساهمت الضربات الأميركية بإلحاق هزيمة بـ «داعش». استغلها الرئيس أوباما ليقول: «لقد أثبتت هذه الإنجازات القدرة على هزيمة داعش عندما توجد المعارضة المعتدلة». في إشارة إلى ضرورة وجود قوات برية - غير أميركية طبعاً- تستفيد من الغطاء الجوي الأميركي، لكن يجب أن تكون معتدلة. السؤال أين أصبح برنامج تدريب قوات المعارضة المعتدلة من قبل الأميركيين؟ الجواب على لسان وزير الدفاع الأميركي: «منذ سنة حتى الآن درّبنا واستوعبنا (فوجاً) من ستين مقاتلاً ! نعم ستون فقط. لماذا؟ وماذا عن فكرة تدريب الآلاف؟ لأن الذين تم اختيارهم رفضوا التوقيع على ملحق عقد الانتساب، على تعهد بعدم قتال النظام، والالتزام بقتال«داعش»! إذاً، المتدربون يريدون قتال النظام وأميركا لا تريد ذلك! ماذا يفعل هؤلاء؟ سواء أكانوا متدينين أم لا، وبعد مسيرة الجلجلة ومعاناتهم الطويلة وحقد النظام ضدهم سيذهبون إلى أي مكان يفسح لهم المجال لقتاله. القوتان الرئيسيتان في المواجهة على الأرض هما"داعش" و"النصرة" وإلى جانبهما فصائل أخرى. لكن التنظيمين هما الأكثر قدرة وامتلاكاً للسلاح وللإمكانات المالية، ولذلك استقطبا العدد الأكبر من المقاتلين. مع الإشارة إلى أن غالبية عناصر "النصرة" سوريا، وغالبية عناصر "داعش" ورموزه من الخارج ! اليوم، تركيا تلوّح بالتدخل شمالاً ولديها القدرة على ذلك، وثمة حديث عن تخطيط لإنشاء جيش تركماني في الداخل السوري يغطي التدخل التركي والمعركة الكبرى هنا ستكون في حلب! في المناطق السورية الأخرى غير الكردية أميركا لا تضرب ولا تدعم المعارضة، لأنها غير معنية بضرب النظام. هذا ما حصل في المعركة الأخيرة في درعا، حيث لم تتمكن المعارضة من تحقيق أهدافها. والمواجهة تقودها إيران بمشاركة ما تبقى من الجيش إلى جانب"حزب الله" وميليشيات أخرى. وفي هذا التوقيت يتحدث الروس عن حلّ مع الأسد، ويقول مستشار خامنئي الدكتور ولايتي إن"الإمام أمرنا بالحفاظ على الأسد وقد نجحنا في ذلك وهو باقٍ وإلى جانبه النظام". ويؤكد أوباما أن"البحث يدور عن مرحلة انتقالية من دون الأسد، والحل هو سياسي"! إذا استمر الوضع على ما هو عليه لن يكون الحل السياسي مع الأسد لا في موسكو ولا في جنيف ولا في غيرهما. الحل هو على الأرض. وعلى الأرض ثمة «داعش» و«النصرة»، وبالتالي الحل سيكون معهما وليس بدونهما. الوقائع تفرض نفسها. وستستمر حال الفوضى والخراب والدمار في كل سوريا لفترة طويلة يرافقها الفرز الديموغرافي الخطير وعمليات النزوح المتتالية في الداخل ومنه إلى الخارج خصوصاً إذا وقعت معركة «دمشق» وهي واقعة لا محالة والمسألة مسألة وقت. هنا، تقول معلومات إن كبار الضباط «العلويين» ذهبوا إلى الأسد وأبلغوه أنه إذا وقعت هذه المعركة فإنهم سيتركون دمشق للذهاب إلى مناطقهم إلى الساحل ليدافعوا عن عائلاتهم! فأي حل ينتظر العباقرة مع الأسد، عندما يكون هذا موقف أركانه؟ لا نزال أمام فصول دموية تدميرية هائلة وكوارث كبيرة في سوريا مبرمجة في إيقاعها وحدودها وأولوياتها من قبل إدارة الفوضى والخراب الأميركية! خطة التدريب الأميركية فشلت، لكن خطة التخريب تنجح بسرعة. هذا هو الأهم بالنسبة إلى إدارة أوباما والمستفيد الأكبر إسرائيل. ---------------------------------------------------- وزير الأشغال العامة والنقل اللبناني السابق