ربما يتساءل القراء عن سبب طرح هذا السؤال كعنوان لهذه المقالة، ويذهب إلى الجانب العاطفي من الموضوع بأن اليمن دولة عربية شقيقة تمر بمحنة، ومن واجب أشقائنا العرب جميعاً وليس الإمارات وحدها، أن يدعموها ويقفوا إلى جانبها لكي تتجاوز المحن التي تمر بها. ونحن لا نختلف مع مثل هذا الطرح، لكن تساؤلنا يهدف إلى الغوص بشكل أعمق في الأسباب والخلفيات السياسية والاستراتيجية والأمنية والاقتصادية التي تجعل من الإمارات سبّاقة إلى دعم اليمن، حكومة شرعية وشعباً، والوقوف إلى جانبه. والواقع هو أن الإمارات كدولة محبة للسلام تدعم عودة الأمن والاستقرار والهدوء إلى اليمن، ذلك فإن موقفها الثابت والمعلن هو دعم الرئيس عبد ربه منصور هادي والحكومة الشرعية التي يشكلها لكي يعود الأمن والسلام ويتحقق الاستقرار في البلاد. وضمن هذا الإطار تقوم الإمارات بتقديم كافة المساعدات لصد الأطماع الخارجية في اليمن، خاصة تلك الآتية من إيران، فالأمر المخيف هو أن الدور الإيراني في اليمن يتم من خلال أطراف أخرى داخلية وخارجية، فإيران تقول بأنها لا تدعم «الحوثيين» في الوقت الذي ثبت فيه بأنها هي التي تقدم لهم السلاح والمال والتدريب والإرشاد وترسل مرتزقتها للقتال إلى جانبهم. أما من تستعين بهم من الخارج لتنفيذ وتحقيق أجندتها فهم إريتريا وإسرائيل، فالدور الذي تحاول أن تلعبه دولة هامشية كإريتريا محير، وتشير تقارير مخابراتية بأن إريتريا تقف إلى جانب «الحوثيين» وتفتح لهم أراضيها وتزودهم بالسلاح والتدريب، فما هي أهدافها كدولة ثانوية مثقلة بالمشاكل من وراء ذلك؟ قد لا يكون لإريتريا أهداف مباشرة ترغب في تحقيقها في اليمن، فمشكلة جزر حنيش حُلت منذ مدة من خلال تحكيم دولي، لذلك فإن الأمر الواضح هو أن الدور الإريتري مرتبط بإيران وإسرائيل بشكل مباشر لكي تحقق لنفسها من خلال عمالتها أهدافاً خاصة بها على الصعيد الاقتصادي والسياسي. فإريتريا تثير المشاكل مع كافة جيرانها وتحتاج إلى داعم خارجي يوفر لها قدراً من الإمكانيات التي تحتاجها، ولا توجد أطراف أكثر مثالية على هذا الصعيد من إيران وإسرائيل. وأمام مثل هذه التهديدات الخارجية الخطيرة لليمن لا تستطيع دولة الإمارات الوقوف مكتوفة الأيدي، بل ترى بأن عليها المبادرة لكي تؤكد على الأهمية القصوى لاستقرار اليمن، وإبعاد المخاطر الخارجية عنه. وينطلق ذلك من الحرص على ألا تتفشى الفوضى العارمة فيه، لأن ذلك يعني دمار اليمن، وبالتالي عدم استقرار الجزيرة العربية والخليج العربي. ومن هذا المنطلق فإن دولة الإمارات كانت ولا زالت وستستمر في الدعوة إلى إيجاد حلول للمشاكل اليمنية، وإلى إبعاد التدخلات الخارجية عنه لأن من المؤكد أن الحلول العسكرية لن تنهيها أو تحلها من جذورها. وضمن هذا الإطار تقوم دولة الإمارات بتقديم المشورة والنصح إلى الأشقاء اليمنيين وتحثهم على التصالح فيما بينهم ومع الشعب اليمني كافة كمدخل منطقي لحل المشاكل التي تعاني منها البلاد. إن دولة الإمارات لم تألُ جهداً في تقديم الدعم غير المحدود لليمن ومساعدته على حل المشاكل المفصلية فيه التي تؤرق البلاد وتعيق مسيرة التنمية والبناء فيها كالفساد الإداري والمالي ومشاكل القات، وتقوم بتقديم النصح بالتركيز على معالجة قضية انتشار السلاح بين المواطنين بشكل غير منضبط ونزعه من يد العامة. وقد عملت الإمارات بشكل مستمر على مساعدة اليمن لحل مشكلة اللاجئين الوافدين من دور الجوار، كالصومال وإريتريا الذين يفدون بشكل غير مسيطر عليه. وتشير تقارير دولية إلى أن عددهم يزيد حالياً على المليون ونصف المليون، المسجلين منهم بشكل رسمي قليل جداً. حل هذه المشكلة لا يمكن أن يتم إلا من خلال جهد دولي منسق، لأن اليمن وحده غير قادر على إيجاد الحل، في الوقت الذي تشكل فيه المشكلة خطراً قائماً ومستقبلياً، ليس على اليمن وحده، بل على دول المنطقة الأخرى.