أمضى رئيس وزراء اليونان أليكسيس تسيبراس الـ24 ساعة الماضية في محاولة لإعادة إشراك الدائنين الذين سبق له أن تحداهم في مفاوضات مريرة وقاسية على نحو غير عادي. وهناك أسباب محدودة للتفاؤل بأنه سيتمكن من تحقيق نجاح. وكان «تسيبراس» قد قدم الاقتراح تلو الآخر بينما كان اقتصاد بلاده يترنح بعد إغلاق النظام المصرفي هذا الأسبوع، بيد أن الدائنين كانوا حريصين في ردود أفعالهم، حيث أدركوا أن اليونان تحاول مواجهة الوضع المتدهور بسرعة بأدوات كافية، وأن النتائج السياسية غير مستقرة بالمرة. وقد نتج عن صدمة «التوقف المفاجئ» للاقتصاد أنها أثرت حتى على التفاعلات الاقتصادية الأكثر روتينية، ما أدى إلى انكماش حاد في الناتج المحلي الإجمالي. وفي الوقت نفسه، تواجه الحكومة أزمة شديدة في السيولة، ما أجبرها على تفويت موعد السداد المهم لصندوق النقد الدولي يوم الثلاثاء الماضي والحد من النفقات المحلية، بما في ذلك المعاشات التقاعدية. ومن دون حدوث صدمة إيجابية كبيرة، فإن هذا الوضع اليوناني الفظيع قد يزداد سوءاً في الأيام المقبلة. فقد ترتفع متأخرات الديون ومتأخرات الموردين بسرعة؛ وقد تُجبر الحكومة على إصدار سندات دين لتلبية المدفوعات المحلية الأساسية، واتخاذ، من دون قصد، خطوة أخرى نحو الخروج المنظم من منطقة «اليورو». ومع إدراك الأثر المدمر لما يطلق عليه الاقتصاديون ديناميكيات «التوازنات المتعددة»، حاول «تسيبراس» مراراً وتكراراً فتح مناقشات جديدة مع الجهات الدائنة لليونان. وفي يوم الثلاثاء الماضي، وجه نداءً لتمديد برنامج الإنقاذ علاوة على المطالبة بفترة سماح لتسديد الديون المجمعة والمستحقة لصندوق النقد الدولي. كما طالب أيضاً بالحصول على أموال خطة الإنقاذ من آلية الاستقرار الأوروبي، حيث تطالب أثينا بقرض قدره 30 مليار يورو على سنتين من صندوق «آلية الاستقرار الأوروبية» مع إعادة هيكلة ديون البلاد. وفي صباح يوم الأربعاء، قدم اقتراحاً آخر يتضمن تنازلات إضافية. وقد تباينت ردود أفعال الدائنين ما بين الرفض الصريح والشك. فقد رفضوا طلب اليونان بتمديد البرنامج، وكذلك فترة سماح صندوق النقد. وعلاوة على ذلك، أبدوا حماساً لبرنامج جديد، حيث يتمنى البعض الانتظار لمعرفة نتيجة استفتاء الخامس من يوليو بينما يريد آخرون إلغاء التصويت. والآن، فإنه من المرجح أن كلا الطرفين سيبذلان جهوداً لكي يصبحا أكثر تصالحاً وتعاوناً، حتى وإن كان من أجل المظاهر. بيد أننا لا يجب الخلط بين المظاهر السياسية المهذبة واحتمال تحقيق تقدم مستمر. إن الأوضاع المتدهورة في اليونان تجعل من المستبعد جداً التوصل لاتفاق يحقق تقدماً ملموساً. ولكي يكون هناك أي فرصة لتغيير الديناميكيات القبيحة لتوقف اليونان المفاجئ، تحتاج الأطراف المتفاوضة للتحرك بسرعة لإيجاد ثقة متبادلة لصياغة حزمة من الإجراءات تتضمن: حزمة كبيرة قابلة للتنفيذ من سياسات الإصلاح، مع تقديم تدابير ملحوظة مقدماً وضخ تمويل خارجي ضخم يتجاوز مجرد الوفاء بأقساط الديون المستحقة على اليونان؛ وتخفيض أساسي للديون. هذه الخطوات يجب أن يصاحبها تأييد لموقف الدائنين خلال الاستفتاء الذي سيتم إجراؤه في اليونان يوم غدٍ الأحد (جدير بالذكر أن رئيس الوزراء تسيبراس يدعو إلى التصويت بـ «لا»)، ولكن من دون القذف بالسياسة اليونانية في حالة من الفوضى. وكل هذا ممكن، غير أنه ليس من المرجح جداً في هذه المرحلة. ومن جانبه، أعلن وزير المالية اليوناني الخميس 2 يوليو، أن الحكومة قد تستقيل في حال رجحان كفة الـ «نعم» أي المؤيدين لسياسة التقشف خلال الاستفتاء. إلى ذلك أعلنت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أن ألمانيا ليست مستعدة لبحث أي طلب مساعدة جديد من أثينا قبل استفتاء الأحد، فيما اشترط وزير الاقتصاد في حكومتها إلغاء الاستفتاء قبل إجراء محادثات هذا الأسبوع. رئيس مجلس التنمية العالمي التابع للرئيس أوباما ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»