تعلّمنا في المدرسة عن أقسى أزمات اللاجئين التي صنعها الإنسان في التاريخ المعاصر، مثل المجازر الروسية في ثمانينيات القرن الثامن عشر، والحربين العالميتين، الأولى، ثم الثانية التي أفضت إلى نزوح أكثر من 40 مليون شخص في أوروبا وحدها. لكن مناهج التاريخ تجب مراجعتها قبل الفصل الدراسي المقبل، حيث بلغت أعداد اللاجئين في العالم مستويات قياسية العام الماضي. وكشفت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة أنه في 2014 جاب أكثر من 40 مليون لاجئ ونازح العالم، منذ الحرب العالمية الثانية، ومنذ ذلك الحين، أصبح 42.500 شخص يومياً، نصفهم من الأطفال، في عداد اللاجئين والنازحين أو طالبي اللجوء. وتقدر المفوضية في تقريرها الجديد أن هناك الآن نحو 59.5 مليون لاجئ. ويشير التقرير إلى أنه في أنحاء العالم بات الآن واحد من كل 122 إنساناً إما لاجئاً أو نازحاً أو طالب لجوء، موضحاً أنه إذا أصبح السكان اللاجئون دولة، فإنها ستحتل الترتيب 24 بين أكثر دول العالم سكاناً. وتعتبر سوريا وأفغانستان والصومال أكبر مصادر اللاجئين الجدد. واللاجئون في القرن الـ21 لا يفرون من القوى العظمى في العالم، كما كانوا في الماضي، فهم بعيدون عن أميركا وأوروبا وعن دول آسيا المتقدمة. وبعض المفكرين المتفائلين يرون ذلك شيئاً جيداً ودلالة على التقدم العظيم؛ لأن معظم الدول القوية ليست في حالة حرب ولا تستعمر العالم، وتجعل مواطنيها أكثر أمناً وصحة. وبالتالي فالدول الصغيرة والأقل تقدماً ستلحق بركب التقدم، وإن بوتيرة بطيئة. أما المتشائمون، فيرون أن أزمة اللاجئين حالياً تظهر أن الحروب الصغيرة والحملات وعمليات الإبادة الجماعية، قد تسبب معاناة مثل حروب الإمبراطوريات المذكورة في الكتب المدرسية. وفي عصر الأسلحة النووية، يمكن أن يتغير ذلك كله في لحظة، فإذا حدثت ندرة في الماء أو الوقود الأحفوري أو الغذاء على الكوكب المزدحم بالسكان، فإن أكبر المعارك الماضية ستبدو صغيرة مقارنة بما يحدث! ديك ماير: كاتب أميركي يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «تريبيون ميديا سيرفيس»