في الأسبوع الماضي حصل الرئيس أوباما أخيراً على أخبار جيدة من المحكمة العليا. ففي ثلاثة أحكام مهمة، صوت القضاة بالأغلبية للسماح بأن يكون القانون أكثر شمولاً في قضايا التمييز العنصري فيما يتعلق بالإسكان. وكان هذا انتصاراً واضحاً للمجتمع الليبرالي. حتى وإن كان الأمر الأبرز هو قرار المحكمة بنسبة تصويت 6 إلى 3 بعدم المساس بواحد من أهم الأحكام الرئيسية في قانون الرعاية بأسعار معقولة (أوباماكير) والذي يتيح للحكومة الفيدرالية تقديم الدعم لأولئك الذين يريدون الحصول على تأمين في الولايات التي لا توفر مثل هذه المزايا في ظل الخطط الخاصة بها. وقد أعرب أوباما عن سعادته في بيان ألقاه بعد ساعتين من صدور حكم المحكمة العليا، قال فيه: «بعد أكثر من خمسين تصويتاً في الكونجرس لإلغاء أو إضعاف هذا القانون، وبعد انتخابات رئاسية شكّل فيها الحفاظ على هذا القانون أو إلغاؤه موضوعاً متنازعاً عليه، وبعد طعون عديدة أمام المحكمة العليا، فإن القانون سيبقى». وفي اليوم التالي، في 25 يونيو، حكمت المحكمة بتصويت 5 إلى 4 لمصلحة أكثر القضايا الاجتماعية التي تواجه البلاد إثارة للجدل، وهي زواج المثليين. وأكدت المحكمة أنه لا يجوز لأي ولاية التمييز ضد زواج المثليين إذا كانوا يرغبون في الزواج. وكان هذا يوماً حاسماً في السياسة الأميركية، حيث مثّل تحولاً كبيراً في المواقف الوطنية التي تغيرت في الآونة الأخيرة فقط لمصلحة تأييد زواج المثليين. وعلى الرغم من أن الجمهوريين أعربوا عن أسفهم العام جرّاء هذه القرارات، خاصة آخر قرارين، إلا أن بعضهم، على المستوى الخاص، شعروا بارتياح لأن القانون قد تمت تسويته الآن وأنهم لن يحملوا عبء الظهور بمظهر المناهضين للصحة أو للمثليين في الانتخابات التمهيدية القادمة وكذلك في الانتخابات العامة. ومن ناحية أخرى، فإن هذا التحول في المواقف العامة تجاه العديد من القضايا الاجتماعية ينعكس أيضاً في التأييد الشعبي غير العادي لعضو مجلس الشيوخ «بيرني ساندرز» (ولاية فيرمونت)، وهو السياسي اليساري المنشق الذي ينافس هيلاري كلينتون للحصول على دعم الديمقراطيين لخوض الانتخابات الرئاسية لعام 2016. فقد استطاع جذب حشود ضخمة في مسيرات حملته الانتخابية، بينما يحاول توصيل رسالته البسيطة: إن التفاوت بين الأغنياء والفقراء في الولايات المتحدة قد خرج عن السيطرة وينبغي تصحيحه من خلال فرض ضرائب أعلى على شريحة تمثل 1% من المجتمع وتسيطر على قدر كبير من الثروة القومية. كما يدعو أيضاً إلى تنظيم أكثر قوة لحي المال (وول ستريت) وغيره من المؤسسات المالية التي تعتبر أدوات ضرورية للأغنياء. هذه التغييرات في الاتجاهات تعني أن أوباما بإمكانه أن يصبح أكثر حزماً في الفترة المتبقية له في السلطة، وذلك بدعم أجندة ليبرالية تشمل إعادة توزيع الدخل، وإصلاح العدالة الجنائية، ومعارضة القوانين التمييزية، والمسألة التي لا تزال متقلبة فيما يخص العلاقات العرقية. إن روحاً جديدة من التصميم على معالجة مشاكل الولايات المتحدة يمكن رؤيتها في 26 يونيو عندما ألقى أوباما واحداً من أقوى خطابات التأبين في جنازة القس «كليمينتا بينكني»، راعي كنيسة إيمانويل الميثودية الأفريقية الأسقفية بوسط مدينة تشارلستون، ساوث كارولينا. وقبل ذلك بأسبوع، وفي 17 يونيو، قتل القس بينكني وثمانية آخرون من أعضاء الكنيسة السود رمياً بالرصاص على يد شاب عنصري أبيض غاضب كان قد جلس معهم لمدة ساعة لدراسة الإنجيل ثم أطلق عليهم الرصاص بمسدس عيار 0.45 ملم. أعاد المتهم ملء خزانته خمس مرات. وقد تم إلقاء القبض على القاتل وأظهرته لقطات الإنترنت في أثناء وقوفه وفي الخلفية ثلاثة أعلام لكونفدرالية الولايات الأميركية وعلم روديسيا السابق وعلم الفصل العنصري في جنوب أفريقيا. وقد أجبر الغضب الناتج عن حادث إطلاق الرصاص الحاكمة الجمهورية لساوث كارولينا، «نيكي هالي»، وهي من أصول هندية، على الدعوة إلى إزالة العلم الكونفدرالي من قصر الرئاسة. وقد انضم إليها في هذا التصرف الجريء عدد من الشخصيات الجمهورية المهمة، مثل عضو مجلس الشيوخ «ليندسي جراهام»، المرشح لخوض الانتخابات الرئاسية عن الجمهوريين. وسيظل الناس لفترة طويلة يتذكرون التأبين الذي ألقاه أوباما في كنيسة إيمانويل، ليس لقيامه بأداء الأغنية الشهيرة المناهضة للعنصرية، «النعمة المذهلة»، ولكن لأنه تناول بعبارات صريحة مشاكل الفقر والعلاقات العرقية والعنف في استخدام السلاح في الولايات المتحدة.. والتي تعتبر مشاكل مستمرة.