قرب نهاية القرن الحالي، إذا استمرت هذه التيارات فإن أجزاء كبيرة من بنجلادش والفلبين وإندونيسيا وباكستان ومصر وفيتنام من بين دول أخرى ستغمرها المياه. وبعض الدول المؤلفة من جزر صغيرة مثل كيريباتي وجزر المارشال ستكون على وشك الاختفاء التام. وقطاعات من أفريقيا تمتد من سيراليون إلى إثيوبيا ستتحول إلى صحراء. والأنهار الجليدية في الهيمالايا والانديز التي تعتمد عليها مناطق برمتها في مياه الشرب ستذوب. وسوف تصبح أجزاء مأهولة كثيرة من العالم غير قابلة للزراعة أو لا تتوفر فيها المياه النظيفة. وسكان تلك المناطق لن يجلسوا دون أن يحركون ساكناً، بينما يقتلهم الجوع هم وأبناؤهم. وسيحاول عشرات أو مئات الملايين منهم الذهاب إلى مكان يمكنهم النجاة فيه. إنهم سيتعرضون للجوع والعطش والحر وفقدان الأمل. وسيفعلون كل ما بوسعهم حتى إذا استدعى البحث عن ملاذٍ آمن التكدس في قوارب خطرة وتنكب أهوال رحلات مهلكة ويائسة. وسيعبرون الحدود سواء تم الترحيب بهم أم لا. وفي شعورهم باليأس قد يصبحون عنيفين، فالهجرة القسرية قد يفاقمها التوترات العرقية والسياسية. وتظهر الدراسات أن المزيد من الحرارة تؤدي على الأرجح إلى زيادة العنف. وتشير بيانات صادرة عن الأمم المتحدة إلى أن أقصى زيادة مسموح بها في متوسط درجات حرارة الكوكب تبلغ 3?6 درجة فارنهايت فوق الظروف التي كانت سائدة قبل عصر التصنيع. والوعود التي قدمتها الدول قبيل قمة المناخ للأمم المتحدة المقرر عقدها بباريس في ديسمبر المقبل ستؤدي رغم هذا إلى رفع متوسط درجات الحرارة بنحو 4?7 درجة فارنهايت قبل نهاية القرن الحالي. وهذه الوعود تطوعية وغير ملزمة. وإذا لم يتم الحفاظ عليها، فإن درجات الحرارة قد ترتفع أكثر بكثير. مما يعني أن أبناءنا وأحفادنا سيواجهون أزمة إنسانية لم ير العالم لها مثيلاً. ومع غياب الإرادة السياسة لتفادي هذا، فأقل ما نستطيع عمله هو البدء بالتخطيط للأزمة المتوقعة. فبدلاً من ترك أعداد كبيرة من ضحايا ارتفاع حرارة العالم الذين تقطعت بهم السبل دون أي مكان يسمح لهم بدخوله، ينبغي على الدول الصناعية أن تتعهد بأن تأخذ قسطاً من السكان المشردين يعادل مساهمتها التاريخية في انبعاثات الغازات المتسببة في ظاهرة الاحتباس الحراري. وتشير بيانات صادرة عن معهد موارد العالم إلى أنه بين عامي 1850 و2011 تسببت الولايات المتحدة في 27 في المئة من انبعاثات العالم من ثاني أكسيد الكربون والاتحاد الأوروبي مسؤول عن 25 في المئة والصين مسؤولة عن 11 في المئة وروسيا مسؤولة عن ثمانية في المئة واليابان مسؤولة عن أربعة في المئة. ولجعل الحساب أسهل، دعنا نفترض أن 100 مليون شخص سيحتاجون إلى منازل جديدة خارج بلدانهم بحلول عام 2050. وقد يصبح الرقم أكبر من هذا بكثير. وبناءً على طريقة التوزيع بحسب الانبعاثات التاريخية المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري يجب أن تستقبل الولايات المتحدة 27 مليوناً من عدد النازحين هذا وأوروبا 25 مليوناً، وهكذا كل حسب نسبة مسؤوليته في الانبعاثات. ورغم عدم دقة التقدير، فإن هذا يوضح مدى ضخامة المشكلة. فإن الولايات المتحدة تمنح تصريح الإقامة الدائمة قانونياً لنحو مليون شخص سنوياً منذ عقود. لكن أياً من هذا لن يحظى بالقبول، لكنه عادل. وتغير المناخ ناتج عن انبعاثات تراكمية من الغازات المسببة للاحتباس الحراري على كل العالم؛ لأن الغاز يبقى في الغلاف الجوي لقرن أو أكثر. والقانون الدولي يقر بأنه إذا تجاوز التلوث الحدود الدولية، فإن البلد الذي نشأ منه التلوث يكون مسؤولاً عن الأضرار. وهذا يؤكد ما تعلمه جميعنا في المدارس، وهو أن المتسبب في الفوضى عليه إصلاحها. مايكل جيرارد مدير مركز «سابين» لتغير المناخ في كلية الحقوق بجامعة كولومبيا ينشر بترتيب خاص «واشنطن بوست» و«بلومبيرج نيوز سيرفس»