قال المؤرخ اليوناني القديم «ثيوسيديديز»، إن الناس كانوا يذهبون إلى الحرب بدافع الشرف والمصلحة والخوف. ومن هذا المنطلق، فإن قرار الحكومة اليونانية بوقف المفاوضات مع الدائنين يعد حالة واضحة لجرح الكرامة أو الفخر أو الاندفاع لاتخاذ قرار خطير. وبينما هم يتأهبون لاستفتاء يوم الأحد المقبل حول ما إذا كانوا سيقبلون آخر عرض للإنقاذ يقدمه الدائنون، ينبغي على اليونانيين التمهل قليلاً لتذكر المدى الذي ستكون عليه قوة - وخطورة - هذا النوع من المهانة المحسوسة عند استخدامها للتأثير على القرارات السياسية. وقد أشار رئيس الوزراء أليكسيس تسيبراس إلى هذه المهانة مرتين خلال خطابه يوم السبت الماضي، حيث اقترح إجراء الاستفتاء، ووصف شروط خطة الإنقاذ المقترحة من منطقة «اليورو» بأنها «إنذار ابتزازي يدعو إلى فرض إجراءات تقشفية صارمة ومهينة». وقد وافق «تسيبراس» في الأسابيع السابقة على معظم الإجراءات التي تضمنها هذا «الإنذار»، لكن من الواضح أنه ورفاقه في حزب «سيريزا» ليس بوسعهم تحملها بعد الآن. وفي الأسبوع الماضي، لم تتوان المؤسسات الدائنة عن الإشارة إلى واحد من اقتراحاته المضادة بالخط الأحمر، كما لو كان طالباً فاشلاً! وبينما كان وزير المالية «يانيس فاروفاكيس»، يوضح فكرة الاستفتاء لنظرائه الأوروبيين، اتهمهم أيضاً بأنهم ضحوا بالأساسيات المشتركة «لصالح فرض تراجع مهين على حكومتنا». وهذا التأكيد سيمثل نقطة مهمة لحديث «سيريزا»، بينما يناضل من أجل التصويت بـ «لا» في الاستفتاء. يذكر أن التلاعب بالذل له تاريخ سياسي طويل وغير مشرف. فقد استخدمه «هتلر» في كتاب «كفاحي» الذي ألفه عندما كان الألمان يتألمون من هزيمتهم في الحرب العالمية الأولى وشروط السلام العقابية التي أعقبت ذلك. وفي هذا الإطار، كتب «بول ساوريت»، الأستاذ بجامعة أوتاوا، عام 2007 عن الدور الذي لعبه الذل في السياسة العالمية فيما بعد 2001، فقال «نظراً للأهمية المعاصرة للاعتراف و«الاحترام» ليس فقط في الفلسفة المعاصرة، بل أيضاً في الثقافة الشعبية المعاصرة والرجولة، فليس من المستغرب أن الاهتمام العملي والنزاع على سياسة عدم الاحترام - في شكلها الأكثر شعبية التي يُشار إليها كممارسة للاحتقار - أصبح مستشرياً على مستويات المجتمع المعاصر كافة بدءاً من ملعب كرة السلة إلى المكتب البيضاوي». والسياسيون الذين يبنون الدعم الشعبي من خلال روايات عن جرح الكبرياء والشرف الذي يداس غالباً ما يكون لديهم الحقائق الخاصة بهم، أو أن يكونوا أقل مباشرة. وفي الواقع، فقد كان هناك على الأرجح عنصر «الاحتقار» في معاملة «تسيبراس» و«فاروفاكيس» من قبل الدائنين. وبدا وزير المالية الألماني يشعر بأنه ليس في حاجة لإظهار الاحترام للماركسيين اليونانيين عديمي الخبرة الذين يذهبون إلى غرف المفاوضات بلا رابطة عنق وكأنهم في حلقة ملاكمة. ورغم ذلك، فإن قصة الإذلال هي، أولاً وقبل كل شيء، مسيطرة. إن الأمر يتعلق بتوزيع اللوم، والسياسيين الذين يستخدمون ذلك عادة ما يرفضون قبول اللوم. وقد قيل لليونانيين إن مشاكلهم -- ارتفاع البطالة وشبكة الضمان الاجتماعي التي تفوق طاقتهم وضوابط رأس المال التي تحد من سحب النقود من ماكينات السحب الآلي بقيمة 60 يورو (67 دولار يومياً) - هي من عمل موظفي الشر بالمفوضية الأوروبية، والبنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي. وبالرغم من هذا السرد مخادع، إلا إنه جذاب. فالغضب من الأعداء الخارجيين، بغض النظر عن مستوى الشعور بالذنب الذي يحملونه، من السهل إثارته. والكثير من اليونانيين يشعرون بالفعل بالمهانة بسبب المحن الاقتصادية. ومن أجل البقاء في السلطة، يحتاج تسيبراس إلى الإبقاء على غضبهم مركزاً على الدائنين على الأقل لمدة أسبوع أخر، حتى يتم الاستفتاء. وربما يكون من المفيد للناخبين اليونانيين تذكر، مع ذلك، أن قراراتهم السياسية التي تتخذ بدافع الكبرياء المجروح نادراً ما كانت تؤدي إلى نتائج جيدة. ليونيد بيرشيدسكي كاب روسي مقيم في برلين ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست» و«بلومبيرج نيوز سيرفس»