كان لبرامج الاستثمار في الكفاءات والكوادر البشرية الموهوبة والمبدعة دور أساسي في تمكين الدول المتقدمة من تحقيق ذلك التقدم الذي وصلت إليه. ومكّنتها هذه البرامج من استقطاب الكفاءات والمبدعين أيضاً، ليس من مواطنيها فقط ولكن من أنحاء العالم كافة، وجذبهم للعيش فيها والمساهمة في تنفيذ برامجها التنموية وتحقيق أهدافها ورؤاها المستقبلية. ومن منطلق الاستفادة من التجارب العالمية الناجحة في هذا المجال، ومن خلال مشاركة واسعة من المؤسسات الوطنية، تسعى دولة الإمارات العربية المتحدة إلى وضع منظومة استراتيجية لتأهيل الكفاءات المواطنة وتعزيز فرص المشاركة والاستفادة من الخبرات والكفاءات الدولية لدعم المشاريع الوطنية، ما يعزز القدرة التنافسية للدولة ويضعها في مصاف الدول المتقدمة. وقد شهدت مدينة العين مؤخراً إطلاق مبادرة تعد الأولى من نوعها في دولة الإمارات العربية المتحدة، تحت عنوان «المشروع الوطني الإماراتي للاستثمار في الكفاءات»، وهي تمثل نواة لمشروع وطني مستدام للاستثمار في الكفاءات. وهذا المشروع يتضمن محاور أساسية عدة، تشمل: دراسة احتياجات الدولة من الكوادر البشرية والبرامج التدريبية والخبراء المختصين المدربين والموارد البشرية المراد تدريبها وتأهيلها، لبناء كوادر بشرية مؤهلة وقادرة على إدارة وقيادة المشروعات التنموية الكبرى في المستقبل. وقد أكد القائمون على المشروع، الذي يتم تنفيذه بإشراف من وزارة الداخلية، ممثلة في «مكتب ثقافة احترام القانون»، التابع للأمانة العامة لمكتب الفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، حرص الدولة على الاستفادة من الخبرات والتجارب العالمية في تنفيذ مثل هذا النوع من المبادرات الوطنية، للمساهمة في نمو وازدهار الوطن، والدفع به قدماً على طريق التنمية الشاملة المستدامة، تجسيداً لرؤية القيادة الرشيدة لصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وتوجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، حفظه الله، لإعداد وتأهيل الكوادر البشرية من المواطنين، وتمكينها من المساهمة الفاعلة في بناء وطنها والنهوض به. وهذا المشروع الذي يضع في صدارة أولوياته رعاية الكوادر المواطنة، يستهدف كذلك خلق بيئة مناسبة لتأسيس قاعدة من المبدعين والموهوبين، تشمل الكوادر الوافدة بجانب الكوادر المواطنة، عبر تطبيق عدد من المهام يأتي في مقدمتها البحث عن الطلاب المتميزين في المدارس، لجذب الكوادر الوافدة الموهوبة والمبتكرة، كما هو مطبق في برامج عالمية ناجحة مثل منحة «جرين كارد الكفاءات»، التي تمنحها الولايات المتحدة الأميركية للمبدعين في شتى المجالات، ومن ثم إخضاع هذه الكوادر لبرامج تقوم على تطوير قدراتها في المراحل العمرية المتقدمة لصقل مهاراتهم وخبراتهم، في بيئة تعزز وترسخ ثقافة الإبداع بين الطلاب في المدار بشكل عام، عبر التعاون والتنسيق بين الجهات المعنية بالبرنامج من ناحية والمؤسسات التعليمية من ناحية أخرى. تنطوي أهمية «المشروع الوطني الإماراتي للاستثمار في الكفاءات» في كونه خطوة استباقية لتوفير احتياجات الدولة من الكوادر البشرية المؤهلة، بما يلبي احتياجات الخطط التنموية. وعلاوة على ذلك فإن هذا المشروع يعد مساهمة إيجابية من مؤسسات الدولة ضمن مسؤولياتها الاجتماعية، ولاسيما في مجال تمكين الشباب والناشئة، باعتبارهم الركيزة الأساسية لتقدم الأمم وأساس نهضتها، ومن منطلق أن الاستثمار في الشباب هو خير استثمار في المستقبل. عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية