تُعَدُّ القضايا الاجتماعية والمتعلقة بشؤون الأسرة محل اهتمام دولة الإمارات العربية المتحدة على أرفع مستوياتها، وهي تحظى بالأولوية القصوى في فكر القيادة الرشيدة. وتسخِّر الحكومة الإماراتية جميع الإمكانات لبحثها ومناقشتها، بما ينسجم مع توجهات دولة الإمارات العربية المتحدة الرامية إلى توفير الرفاه والحياة المعيشية الكريمة للمواطنين وجميع القاطنين على أرضها، وإسعادهم، تجسيداً لرؤية الإمارات 2021. واهتمام الحكومة الإماراتية بالقضايا الاجتماعية والأسرية ينبع من إدراكها لأهمية ذلك في تحقيق أمن المجتمع واستقراره، وهما جزء من مفهوم الأمن الشامل، إذ إن الأسر السليمة اجتماعياً تعد من المكونات الرئيسية للمجتمعات المتطورة والمستقرة، وانطلاقاً من كون الاستعانة بالدراسات الاجتماعية والعلمية باتت من أساسيات الارتقاء بالخطط الإنمائية في المجتمعات الحديثة، ومن الآليات التي تتبناها الدول الساعية إلى التقدم بصفتها منهجاً رئيسياً في تقويم مدى صلاحية البرامج والخطط، ومن ثم المشروعات التنموية، لما لها من دور في الكشف عن أوجه القوة والخلل فيها، ولأنها تعد من أبرز الطرق لرفد المجتمعات بالأفكار الإبداعية والابتكارية، ووسيلة مناسبة لاستشراف المستقبل، والتعرف إلى الظواهر الاجتماعية وأسبابها وتداعياتها على المجتمع سلباً أو إيجاباً، وإلى المشكلات التي يعانيها المجتمع. وفي هذا السياق جاء توقيع «جامعة زايد» و«مؤسسة التنمية الأسرية» لمذكرة تفاهم فيما بينهما، مؤخراً، تستهدف إجراء العديد من الدراسات بشأن القضايا والظواهر الاجتماعية في دولة الإمارات العربية المتحدة، من أجل رصد المشكلات والتحديات الاجتماعية التي تواجه الأسرة الإماراتية، وإيجاد حلول عصرية لها، بما ينسجم مع القيم والأعراف الإماراتية. وقد تضمنت مذكرة التفاهم أيضاً التعاون بين الطرفين في تنفيذ برامج تأهيل وتدريب للكوادر الإماراتية المتخصصة في العمل الاجتماعي، وتنفيذ الفعاليات، التي تشمل المؤتمرات والندوات، على المستويات المحلية والإقليمية والعالمية، التي تتناول قضايا الأسرة والأطفال وتمكين المرأة والشباب، في سبيل الوصول إلى التنمية المستدامة الشاملة. إن مثل هذه الاتفاقيات ومذكرات التفاهم تسهم في دعم الخطط والاستراتيجيات الوطنية الإماراتية، ولاسيما تلك الاستراتيجيات الرامية إلى تمكين المرأة والشباب في شتى المجالات والقطاعات، والساعية إلى ترسيخ قيم التعاون العلمي والبحثي بين المؤسسات العملية والتخصصية الوطنية، بما يرتقي بالأداء، ويطور القدرات العملية والأكاديمية للطلاب والأكاديميين في المؤسسات التعليمية الإماراتية، من خلال الفرص التي توفرها الشراكة بين المؤسسات التعليمية والمؤسسات التخصصية لاكتشاف المواهب الواعدة، ودعمها، واستثمار قدراتها في خدمة أهداف التنمية في دولة الإمارات العربية المتحدة. وما أقدمت عليه وزارة الشؤون الاجتماعية، مؤخراً، بإصدارها القرار الوزاري رقم (428) لعام 2015، بشأن تنظيم برامج الأسر المنتجة، الذي يقضي بتسجيل الأسر المنتجة في دولة الإمارات العربية المتحدة ضمن قاعدة بيانات تعريفية ومدققة بشأنها، يمثل خطوة إماراتية مهمة على الطريق نفسه، لما لها من دور في تمكين الأسر والمرأة الإماراتية من ممارسة دورها التنموي، وتوفير قنوات جديدة لتوليد الدخول لمصلحة الأسر من ذوي الدخول المحدودة، بما يسهم في تحسين المستوى المعيشي لها، عبر تحسين البيئة والظروف الاستثمارية المرتبطة بشكل مباشر بالمشروعات الأسرية، وإزالة العراقيل التي تعوق تنفيذها. ومن زاوية أخرى، فإن مثل هذه الاتفاقيات والمبادرات المتعددة والمتنوعة تسهم بشكل فاعل في المحافظة على الهوية الوطنية الإماراتية، وتساعد على تعزيز الانتماء لدى جميع أفراد المجتمع وفئاته في دولة الإمارات العربية المتحدة، إذ إنها تتيح لكل فرد ينتمي إلى هذا المجتمع فرصة بناء قدراته، والمشاركة في تطويره بشكل عادل مع باقي الأفراد، في مناخ عام يقوم على التسامح وتكافؤ الفرص والانفتاح على جميع الثقافات والأفكار. عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية