حققت المرأة التركية في الانتخابات التشريعية التي جرت يوم الأحد الماضي إنجازاً منقطع النظير، وذلك بفوز 96 امرأة من أصل 550 نائباً في البرلمان التركي. وقد حصدت نساء «حزب العدالة والتنمية» الحاكم 41 مقعداً بينما حققت نساء «حزب العمل القومي» اليميني 4 مقاعد من نوابه الثمانين، أما «حزب الشعوب الديمقراطية» المناصر للأكراد. فمثلته 31 نائبة من أصل 80 نائباً، بينهن «ديليك أوجلان» ابنة شقيق زعيم «حزب العمل الكردستاني» المتمرد عبدالله أوجلان المعتقل منذ 16 عاماً. وتجدر الإشارة إلى أن البرلمان التركي السابق المنتهية ولايته كان يضم 79 امرأة، وإلى أن في الحكومة امرأة واحدة. والسؤال الآن هو: لماذا لم تحقق المرأة العربية أي انتصار انتخابي رغم مرور أكثر من قرن على التنظيمات النسائية العربية؟ ولماذا حققت زميلتها التركية، وفي بلد إسلامي، إنجازاً انتخابياً كهذا، وفي ظل حكومة إسلامية ودولة علمانية؟ المرأة العربية لم تحقق الإنجازات المطلوبة على الصعيد السياسي، سواء في الوصول إلى رئاسة السلطة التنفيذية أو التشريعية أو حتى الوصول إلى البرلمانات العربية بأعداد مقبولة، وذلك لعدة اعتبارات أهمها أن النظام الانتخابي ما زال يعتمد على العلاقات العائلية والقبلية والطائفية، أما على الصعيد الشخصي فنجد النظام الاجتماعي الأبوي متغلغلا في قوانين الأحوال الشخصية لهذه الدول، إذ إن أغلب الدول العربية -باستثناء تونس- لا تطبق القوانين الخاصة بالزواج والميراث وحضانة الطفل وغيرها خارج تأثير وإشراف المؤسسات الدينية التي يديرها الرجال، وبالتالي تصب معظم هذه القوانين في صالح الرجل وتكرس العلاقات العائلية الأبوية. فالمرأة في هذه البلدان محاصرة سواء على مستوى الحياة العامة أو الخاصة. هنالك اختلاف في الأنظمة السياسية العربية من حيث الهامش الديمقراطي المتاح، حيث توجد أنظمة عربية لا تسمح بالمشاركة سياسية أصلا، لا للرجل ولا للمرأة. أما في حالة السماح للمرأة بالمشاركة السياسية فإن الكثير من الأحزاب السياسية العربية، ورغم إشراكها للمرأة في أعمال الحزب وأنشطته المختلفة، إلا أن هذه الأحزاب نادراً ما تشرك المرأة في قيادة الحزب وهيئاته العليا. الأحزاب العربية، وعلى عكس ما هو في تركيا، وسواء أكانت هذه الأحزاب في السلطة أم في المعارضة، فإن إشراكها للمرأة في أنشطتها ضعيف بسبب الطبيعة الإقصائية وغير الديمقراطية لهذه الأحزاب. لقد غاب عن نظر الأحزاب العربية أن الديمقراطية الحقة تزيد من مشاركة النساء، كما أن مشاركة النساء ترسخ الديمقراطية. ولا يمكن أن يتحقق أي إنجاز نسائي في مجال الانتخابات التشريعية بدون قيام حركة مجتمعية قوية تدفع بالنساء للمشاركة في العمل وخدمة المجتمع، وذلك بالقضاء على إرث التخلف عبر القضاء على كل أشكال التمييز ضد المرأة. --------------------------- *أستاذ العلوم السياسية -جامعة الكويت