لا يوجد مكان في العالم يجمع ببساطة بين دولة الرعاية الاجتماعية التقدمية للغاية ومستويات النمو المرتفعة إلا اسكندنافيا، ذاك الفردوس الشمالي. ولا عجب إذن أن تتصدر هذ المنطقة المؤشرات الدولية في كل شيء من السعادة إلى الرخاء. ولا جدوى من التفسيرات الذكية السريعة لعقول تحررية ونابهة مثل أن السويديين لديهم نفس المستوى من الفقر في أميركا كما في السويد وأن الدول الصغيرة المتجانسة أكثر قدرة على الأرجح أن تدعم دولة الرعاية الاجتماعية من المهد إلى اللحد من الدول الكبيرة غير المتجانسة وأن الدول الصغيرة تحقق على الأرجح نتائج في الأطراف أفضل مما تستطيع الدول الأكبر التي تبدو رائعة إذا فصل عنها أداء الأطراف. لكن «دان دريزنر» يقدم نقطة أخرى لا تثار كثيراً غالباً. وهناك سبب للاعتقاد أن الاسكندنافيين ربما يستطيعون الجمع بين مستويات عالية من الانفاق الحكومي مع معدل نمو جيد لأن الولايات المتحدة لا تتبع نموذجهم. ودعني أوضح. ففي أبسط الكلمات فالنمو الاقتصادي هو نمو سكاني بالإضافة إلى نمو في الإنتاجية. وجانب كبير من قدرتنا على تحسين الإنتاجية يرجع إلى قدرتنا على الابتكار بطريقة ما. من أين يأتي الابتكار في أغلبه؟ يجادل «دارون أجم أوغلو» و«جيمس روبنسون» و«تيري فيرديه» وهم الأكاديميون الذين يستشهد بهم «دريزنر» أن هذا الابتكار تنتجه بشكل غير متناسب اقتصاديات «تؤدي فيها حوافز العمال والمستثمرين إلى عدم مساواة أكبر وفقر أكبر» كما في الولايات المتحدة على سبيل المثال. وهذه الابتكارات لا تجعل الولايات المتحدة وحدها فحسب أكثر إنتاجية بل تنتقل إلى باقي العالم. معظم الابتكارات التي تحرك النمو الاسكندنافي تأتي من خارج حدوده، ببساطة لأن عدد سكان المنطقة صغير للغاية مقارنة بمئات الملايين من شعوب العالم الغني الذين يتصدرون الخطوط الأمامية للابتكارات حاليا. صحيح أيضاً أن اقتصاديات هذه المنطقة تكون أكثر عرضة للتأثر بأمور حدثت في مكان آخر مثل المشكلات التي يعاني منها الاقتصاد النرويجي من تراجع أسعار النفط بسبب ثورة النفط الصخري في شمال أميركا والاستجابة التي أدى إليها في منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك). أجم أوغلو وربنسون وفيرديه محقون في أن اسكندنافيا لا تحتاج ببساطة للتركيز على الابتكار ما دام أن الولايات المتحدة مستعدة للاضطلاع بحمل هذا العبء. ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ميجان ماكاردل محلل اقتصادي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»